رمضانيات
الحلقة 14
داود عليه السلام
داود عليه السلام
حلقات يكتبها سامي الشرقاوي
اجتماع عائلي حول مائدة رمضان
الجميع بانتظار آذان المغرب يرفع لوقت الصلاة والافطار
يتسامر الصائمون حول الطاولة فيبدأ كبير العائلة كلامه
قصة النبي داود عليه السلام
الأب: نأتي اليوم على قصة النبي داود عليه السلام وهو يعتبر من أهم الانبياء عند اليهود، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم عدة مرات على انه نبي.
الأم: هو داود بن ايشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن ارم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه، وخليفته في أرض بيت المقدس.
الابنة: لقد كنت أظنه من غير سليلة سيدنا ابراهيم لانه يحكى انه كان فقيرا ولم يكن بنو اسرائيل يعتبروه من سلالة الملوك والانبياء.
الأب: سيدنا داود هو من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل، وقد آتاه الله الملك والنبوة، وهو من سِبط يهوذا بن يعقوب، وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، وقال: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا). ولكن سبط يهوذا لم يتمكنوا من الوصول الى المالل والسلطة فظلّوا مغمورين، ولذلك كان سيدنا داود راعيا لغنم أبيه.
الأم: بعد انقضاء مدّة الـ 40 سنة التي أقامها بنو إسرائيل في التيه، وبعد وفاة هارون وموسى، تولى أمر بني إسرائيل نبي من أنبيائهم اسمه يوشع بن نون، فدخل بهم بلاد فلسطين، وقسّم لهم الأراضي. وكان لهم صندوقا يسمّونه تابوت الميثاق أو "تابوت العهد"، فيه ألواح موسى وعصاه ونحو ذلك، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ).
الابن: هل هذا هو الصندوق الذي يبحث عنه اليهود الى الآن؟
الأب: بالظبط، لأنهم ضيّعوه وسط حروبهم مع الفلسطينيين وخلافاتهم مع بعضهم البعض.
الأم: ولما توفي يوشع بن نون، تولى أمر بني إسرائيل قضاة منهم، ولذلك سمي الحكم في هذه المدّة حكم القضاة. وفي هذه المدة تفشّت المعاصي ببني إسرائيل وتهاونوا في دينهم، وكثر ففسقهم، وضيعوا شريعتهم، ورجع بعضهم الى عبادة الاوثان. وضعف شأنهم وصارت قبائلهم عرضة لغزوات الأمم القريبة منهم، وقد خُذلوا في مواقع كثيرة وأخرجوا من ديارهم ونهبت اموالهم وقطّعت اوصالهم.
الأب: وفي أواخر هذه المدّة ضاع منهم "تابوت العهد"، في حربٍ من حروبهم مع الفلسطينيين، وكان ممّن يدبّر أمرهم في أواخر مدّة حكم القضاة نبي من أنبياء بني إسرائيل من سِبط لاوي اسمه صمويل أو شَمْوئيل، يتصل نسبه بهارون عليه السلام.
الابنة: وهل كان صموئيل نبيا ايضا؟
الأم: يقال والله اعلم انه لما غلبت العمالقة من أرض غزة وعسقلان بني إسرائيل قتلوا منهم خلقاً كثيراً، وسبوا من أبنائهم جمعاً كثيراً، وانقطعت النبوة من سبط لاوى، ولم يبق فيهم إلا امرأة حبلى، فجعلت تدعو الله عز وجل أن يرزقها ولداً ذكراً، فولدت غلاماً فسمته أشمويل، ومعناه بالعبرانية إسماعيل، أي سمع الله دعائي. فلما ترعرع سلّمته لرجل صالح ليتعلم من خيره وعبادته، فلما بلغ أشده بينما هو ذات ليلة نائم إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد، فانتبه مذعوراً، فإذا جبريل يدعوه، ويقول له إن ربك قد بعثك إلى قومك. ويقول العلماء ان الله قد عنى صموئيل في كتابه العزيز : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إسرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
الأب: وتبين هذه الآية ايضا ان بني اسرائيل سألوا نبيهم هذا وهو صموئيل في اغلب الظن، ان ينصّب عليهم ملكا لاتهم أنهكتهم الحروب فيكونون تحت طاعته ليقاتلوا من ورائه ومعه وبين يديه الأعداء. فقال لهم: (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّه) قالوا وأي شيء يمنعنا من القتال (وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا) وقد هزمنا واخرجنا من ديارنا وأبنائنا مأسورين في قبضة اعدائنا.
الأم: قال الله تعالى: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ). كما ذكر في آخر القصة أنه لم يجاوز النهر مع الملك إلا القليل والباقون رجعوا ونكلوا عن القتال.(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً). فاستجاب لهم صموئيل واختار من بينهم ملكا هو طالوت بن قيش بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وقيل انه كان سقّاء يسقي الماء، وقيل كان دبّاغا والله أعلم. ولهذا (قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ). لأن النبوة كانت في سبط لاوى وأن الملك كان في سبط يهوذا، وكان طالوت من سبط بنيامين فنفروا منه قالوا لصموئيل نحن أحق بالملك منه فهو فقير وليس م سلالة لاوى ولا يهوذا. (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ). فقد كان طالوت أعلمهم وأقواهم جسديا. ويُروى والله اعلم ان الله أوحى إلى شمويل أن يدهن قرنا بدهن مقدّس ويدخل عليه ذكور بني اسرائيل فردا فردا. والذي يدخل ويفور القرن عند دخوله يدهنه من دهن القرن وينصّبه ملكا. ولما حضر عند شمويل فار ذلك القرن فدهنه منه وعينه للملك عليهم وقال لهم (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ) (وَالْجِسْمِ) قيل الطول وقيل الجمال، والظاهر من السياق أنه كان أجملهم وأعلمهم بعد نبيهم صموئيل.
الأب: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ) فله الحكم وله الخلق والأمر (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ). وهذا أيضاً من بركة ولاية هذا الرجل الصالح عليهم ويمنه عليهم أن يرد الله عليهم التابوت الذي كان سُلب منهم وقهرهم الأعداء عليه وقد كانوا يُنصرون على أعدائهم بسببه. (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) قيل السكينة طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء، وقيل السكينة مثل النسمة الناعمة. وقيل صورتها مثل الهرّة إذا صرخت في حال الحرب أيقن بنو إسرائيل بالنصر والله أعلم. (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ) وقيل كان فيه بقية اثر الألواح وشيء من المنّ الذي كان نزل عليهم بالتيه (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) أي تأتيكم به الملائكة يحملونه وأنتم ترون ذلك عياناً ليكون آية لله عليكم وحجة باهرة على صدق ما أقوله لكم وعلى صحة ولاية هذا الملك الصالح عليكم. ولهذا قال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ). وبعد أن أعطى صمويل بني اسرائيل موعداً لمجيء تابوت السكينة، وخرجوا لاستقباله ورأوه ام العين تحمله الملائكة أذعنوا لملك طالوت، فكان أول ملك من ملوك بني إسرائيل.
الأم: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ). قيل هذا النهر هو نهر الأردن، قال طالوت لجنوده وهم في عطش شديد والنهر أمامهم، ان الله يريد ان يختبركم فالذي يشرب من هذا النهر فلا يصحبني في هذه الغزوة، إلا من غرف غرفة بيده بمعنى والله اعلم ان يرطّب فمه بالماء. (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ). قيل ان الجيش كان ثمانين ألفاً فشرب منه ستة وسبعون ألفاً، فبقي معه أربعة آلاف والله اعلم. (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) وجالوت كان من الملوك الجبارين الاشدّاء ففزعوا منه وابوا ان يحاربوه. الا فئة قليلة منهم الذين آمنوا ان فئة قليلة مؤمنة تغلب فئة كقيرة كافرة باذن الله. (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). وطلبت هذه الفئة القليلة من الله أن يفرغ عليهم الصبر وأن يثبت أقدامهم في الحرب وأن ينصرهم على أعدائهم، فأجابهم الله إلى ما سألوا وأنالهم ما رغبوا. ولهذا قال تعالى (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّه) أي بحول الله لا بحولهم، وبقوة الله ونصره لا بقوتهم وعددهم، مع كثرة عتاد أعدائهم وعُددهم وقوله تعالى: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ). وهنا يخبرنا الله انه اختار ان ينصر بني اسرائيل بداود عليه السلام الذي استطاع ان يقتل جالوت ويهزم جيشه باذن الله.
الابن: وكيف اختار الله سيدنا داود؟
الأب: كان داود عليه السلام أصغر أولاد أبيه وكانوا ثلاثة عشر ذكراً، ويقال أنه دخل في صفوف بني إسرائيل المقاتلين وهو فتى صغير من سِبط يهوذا وكان يرعى الغنم لأبيه. وقد أرسله والده إلى ثلاثة من اخوته كانوا التحقوا بجيش طالوت وامره ان يأتيه بأخبارهم. سمع داود جالوت وهو يطلب المبارزة معتداً بقوته وباسه، والمقاتلون من بني إسرائيل قد رهبوه وخافوا من لقائه. وكان من قبل قد سمع طالوت وهو يحرّض بني إسرائيل على قتل جالوت وجنوده ويقول من قتل جالوت زوّجته بابنتي وأشركته في ملكي. وكان داود عليه السلام امهر من يرمي بالقذَّافة وهو المقلاع. ويُروى والله اعلم انه بينما هو سائر مع بني إسرائيل إذ ناداه حجر أن خذني فإن بي تقتل جالوت، فأخذه ثم حجر آخر كذلك ثم آخر كذلك؛ فأخذ الثلاثة في مخلاته. فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى الناس الى مبارزته فتقدم داود فقال له: ارجع فأنت فتى صغير وأنا أكره أن أقتلك. فقال داود: لكني انا والله أحب أن أقتلك. وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعها في القذافة ثم أدارها فصارت الثلاثة حجراً واحداً. ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه وفر جيشه منهزماً.
الأم: فوفّى له طالوت بما وعده وزوّجه ابنته وشاركه في ملكه. وعظم داود عليه السلام عند بني إسرائيل، وأحبوه ومالوا إليه أكثر من طالوت حتى غار منه غيرة شديدة، وأراد قتله، واحتال على ذلك فلم يصل إليه. وصار وزراء طالوت ينهونه عن قتل داود وينصحونه بعدم التعرض له الا انه تسلط عليهم فقتلهم، حتى لم يبق منهم إلا القليل. ويقال والله اعلم انه راجع نفسه وتاب عن قتل داود وندم على قتل وزرائه فراح يقف على قبورهم ويكثر من البكاء عليهم حسرة واستغفارا، الى ان سمع اصواتا ذات يوم وهو في الجبانة يبكي: أن يا طالوت قتلتنا ونحن أحياء، وآذيتنا ونحن أموات. فازداد بكاؤه وخوفه، واشتد وجله، ثم جعل يسأل عن عالم يفتيه ويفيده في أمره؟ حتى دلّوه على امرأة من العابدات فأخذته وذهبت به إلى قبر يوشع عليه السلام. فدعت الله فقام يوشع من قبره فقال: أقامت القيامة؟ فقالت: لا، ولكن هذا طالوت يسألك: هل له من توبة؟ فقال: نعم ينخلع من الملك، ويذهب فيقاتل في سبيل الله، حتى يقتل، ثم عاد ميتاً. فترك طالوت الملك لداود عليه السلام، وذهب ومعه ثلاثة عشر من أولاده، فقاتلوا في سبيل الله حتى قتلوا.
الأب: علم داود بمقتل طالوت، فصعد إلى حبرون، مدينة الخليل، فجاء رؤساء سبط يهوذا وبايعوه بالملك. أما بقية أسباط بني إسرائيل فقد دانوا بالطاعة لولد من أولاد طالوت اسمه إيشبوشت. ثم قامت حروب بين جنود داود وجنود إيشبوشت، انتهت بمقتل ابن طالوت بعد سنتين أو ثلاث، واستتب لداود الملك العام على بني إسرائيل، وكان عمره 30 سنة.
الابنة: اذن لقد ثبّت سيدنا داود ملكه بالنصر على اعدائه في الحروب.
الأب: أجل وقيل انه قضى جزءا كبيرا في معارك مع خصومه سفكت فيها دماء كثيرة، حتى شاع ان داود كان الاكثر دموية في تاريخ البشرية، خاض معارك قتل فيها آلاف الاعداء دون ان تأخذه بهم شفقة ولا رحمة. ولكنه تمكن من توسيع مملكته في جميع الاتجاهات. ولمع اسم داود وتوالت الانتصارات لبني إسرائيل على يده، واتسعت مملكة بني إسرائيل بفضله. وحول الملك داويد مملكته الى قوة عظمى في المنطقة تمتد من حدود مصر والبحر الأحمر وحتى ضفتي الفرات. وذلك لقيامه بحملات عسكرية ناجحة، إلى جانب عقد سلسلة من معاهدات الصداقة مع ممالك مجاورة. ونجح في توحيد أسباط إسرائيل الإثني عشر في مملكة واحدة، وجعل عاصمتَها اورشليم القدس.
الابن: الهذا يقولون ان حلم اسرائيل هو مملكة من النيل الى الفرات؟
الأب: اجل يا بني هذا صحيح. لكن لا تنسى انهم اغتصبوا هذه الارض من اهلها وسكنوا فيها.
الابنة: ولكن داود هو نبي من انبياء الله
الأب: صحيح. ولكنه كان خطّاءً وسفك دماء كثيرة من الفلسطينيين اهل تلك الارض، من اجل قيام مملكته. وهذا باعتراف اليهود انفسهم.
الابن: اذن هو بالاساس صاحب المشكلة التي يتخبّط العرب واسرائيل فيها اليوم.
الأب: المشكلة يا بني كانت قبل داود. ونعلم نحن من القرآن الكريم ان التوراة فسّرها بعض اليهود بغير موضعها. فحصل ان ادّعى بنو اسرائيل ان الارض المقدّسة هي ارضهم انما في الحقيقة هم دخلاء عليها. غير ان حقّهم بالعبادة في القدس كحق المسلم والمسيحي وحقهم بالعيش فيها هو كحق المسلم والمسيحي. انما خطأ اسرائيل انها ارادت ارجاع المملكة الاسرائيلية التي اسسها داود والتي بالمناسبة ضعفت وانقسمت بعد موت سيدنا سليمان. وخطأهم الثاني انهم ارادوا اقامة دولة عنصرية واغتصبوا دولة عربية والغوا حقها في الوجود الا وهي دولة فلسطين.
الأم: وانا على اقتناع تام انه ما لم تحل القضية الفلسطينية وترجع دولة فلسطين فان منطقة الشرق الاوسط بما فيها اسرائيل لن تعرف الراحة ابدا وستظل تغلي حتى يصيل الشرر دول العالم كلها.
الأب: على كل حال دعونا نرجع الى فصة سيدنا داود. فقد آتاه الله مع الملك النبوة، وجعله رسولاً إلى بني إسرائيل يحكم بالتوراة، كما أنزل عليه الزبور وهو أحد الكتب السماوية الأربعة الكبار، وآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب. وقد دام ملكه 40 سنة ثم توفي عليه السلام، ودفن في "بيت لحم" بعد أن أوصى بالملك لابنه سليمان، فيكون عمره على هذا حين قبض عليه السلام 70 سنة. والله أعلم.
الأم: عرض القرآن الكريم في عدة سور نبذات داود عليه السلام، وتناول أهم النقاط البارزة في حياته، مما يتصل ببدء ظهور اسمه في بني إسرائيل، وملكه ونبوته، وبعض صفاته ونعم الله عليه.
ومن نعم الله عليه أن آتاه الملك، وجعله خليفة في الأرض، وأعطاه قوةً في حكمه. وسخّر له الجبال والطير يسبحن معه في العشي والإِبكار. وكان الله قد وهبه صوتاً شجيا، وقدرة فائقة على الإِنشاد البديع، فكان يصدح بصوته بتسبيح الله وتحميده، فتردّد الجبال معه، وتجتمع عليه الطير وترنّم معه التسبيح.
الأب: علّمه الله منطق الطير، وولده سليمان من بعده مثل ذلك. وألآن له الحديد، يتصرف بَطيّه وتقطيعه ونسجه، كما يتصرف أحدنا بالأشياء اللينة بطبعها. وعلَّمه صناعة دروع الحرب المنسوجة من زرد الحديد. وكانت هذه الصناعة غير معروفة قبل داود عليه السلام.
الأم: ثم عرض القرآن الكريم قصة استفتاء فقهي وُجِّه إليه، فأفتى فيه بوجه، وكان ابنه سليمان فتىً صغيراً حاضراً مجلس الاستفتاء فأفتى بوجه آخر، وكان ما أفتى به سليمان أضمن للحق وأقرب للصواب. وكان ذلك أول اشارة على نبوة سليمان. (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ - فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ).
الابن: وما معنى نفشت فيه الغنم؟
الأم: نفشت: أي رعت ليلاً بلا راعٍ.
الأب: قال المفسرون إن غنماً دخلت يوما حقلا فافسدته واكلت زرعه فتحاكم صاحب الحقل وصاحب الغنم إلى داود وعنده سليمان، فحكم داود بالغنم لصاحب الحرث عوضاً عن حرثه الذي أتلفته الغَنم ليلاً. فقال سليمان وهو ابن إحدى عشرة سنة: لكن الاعدل والأرفق هو دفع الغنم إلى أهل الحرث لينتفعوا بألبانها وأولادها وأشعارها، ودفع الحرث إلى أهل الغنم ليقوموا بإصلاحه حتى يعود إلى ما كان، ثم يترادّان.
الابن: الله الله عليك يا سيدنا سليمان
الأب: كما عرض القرآن الكريم قصة الخصمين اللذين تسلقا سور القصر ودخلا على داود، وهو في المحراب في وقت عبادته الخاصة التي يخلو بها ولا يسمح لأحد أن يدخل عليه فيها، ففزع داود منهما، لأنهما لم يستأذنا بالدخول عليه، فقالا له (لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ).
الابن: وما معنى لا تشطط؟
الأب: أي لا تظلم. فأصغى لهما داود، فقال أحد الخصمين: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، أي دعها لي اكفلها لك وغلبني في المخاصمة بنفوذٍ أو بقوة. وسكت الآخر سكوت إقرار. فقال داود: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ). أي انه ليس له حق بأخذ النعجة منك لانه يملك الكثير منن النعاج. فانصرف المتخاصمان دون أن يعلِّقا بشيء على ما أفتى به داود. فرجع داود إلى نفسه، فعرف أن الله أرسل إليه هؤلاء القوم بهذا الاستفتاء ابتلاء، وذلك لينبهه على أمر ما كان يليق به أن يصدر منه بحسب مقامه، فوبخ نفسه: (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) تائباً من ذنبه، خائفاً من ربه.
الأم: قيل في هذا الشأن انه كان لداود قائدا في جيشه له زوجة جميلة، وقع داود في حبها، وأراد ان يتزوجها ويضمها الى زوجاته اللاتي كان عددهن 99 والله أعلم. فعمد الى حيلة بأن ابعد هذا القائد في مهمة عسكرية مضمون فيها مقتله. فلما قتل تزوج داود من امرأته والله أعلم.
الأب: وذكر فريق من المفسرين أنّ فتنة داود عليه السلام كانت لأنه حكم بمجرّد سماع الدعوى، دون أن يسأل البيِّنة، أو يسمع كلام المدَّعى عليه، ولذلك قال الله له بعد ذلك كما جاء: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ).
الأم: ويقال ان داود عليه السلام كان قصيراً، أزرق العينين، قليل الشعر، طاهر القلب ونقيه. ولما قتل جالوت، أحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم، فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام، وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خير الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون في سبط، والنبوة في آخر، فاجتمع في داود هذا وهذا. كما قال تعالى (وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ). أي لولا إقامة الملوك حكاما على الناس، لأكل قوي الناس ضعيفهم.
الأب: وقال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ - أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). كانت الجبال والطير تردد مع سيدنا داود تسابيحه وابتهالاته لله وهذا فضلا اعطاه الله لعبده. والان له الحديد فكان كالعجينة اللينة بين يديه يطوّعه كيف يشاء.
الابنة: وما معنى سابغات وقدّر في السرد؟
الأب: السابغات هي الدروع الكاملة التي تقي اجزاء واسعة من الجسم. وكانت قبله من الحديد الثقيل الذي يعيق الحركة في القتال فأمره الله ان يخفف من كمية الحديد او المعدن حتى يخف وزن الدرع ولا يعيق المقاتل. وقال تعالى ايضا (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ - وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ). أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء، وأرشده إلى صنعتها. فكان أول من عمل الدروع من زرد، وإنما كانت قبل ذلك من صفائح. وكان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم، وقد ثبت في الحديث:" أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده".
الأم: وقيل ان داود عليه السلام كان يقوم الليل يتعبّد، ويصوم نصف الدهر، وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى". وجاء في القران الكريم ان الجبال كانت تردد معه تسابيحه أول النهار وآخره. وقد منّ الله عليه بصوت جميل شجي لم يعطه أحدا قبله ولا بعده، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء، يردد وراءه، ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، كلما سبح بكرة وعشياً صلوات الله وسلامه عليه. وقد قيل والله اعلم انه كان لا يسمعه أحد إلا مال ببدنه طربا. وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان مثله، فيعكف الجن، والإنس، والطير، والدواب على صوته
الأب: وقد وهبه الله ملكاً عظيماً، وحكماً نافذاً. وروي والله اعلم أن رجلين تداعيا إلى داود عليه السلام في بقر: ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه، فأنكر المدعى عليه، فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعي. فلما أصبح قال له داود إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك، فأنا قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟ قال: والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا، فأمر به داود فقتل، فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً والله اعلم.
الأم: اما ما ورد في القرآن الكريم عن فصل الخطاب (وَفَصْلَ الْخِطَابِ) فيعني بذلك والله اعلم البيّنة على المدعي، واليمين على من أنكر. وقيل هو إصابة القضاء وفهمه والفصل في الكلام، وفي الحكم. وقد بشّر الله داود انه مقرّب عنده يوم القيامة وله حسن الاقامة في جنة الخلد. (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) ويخبرنا الله انه غفر له ذنبه الذي اقترفه والله اعلم بشأن ال 99 نعجة.
الأب: قيل ان داود عليه السلام قال: يا رب كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك، فأتاه الوحي أن يا داود: ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى يا رب. قال: فإني أرضى بذلك منك. قال داود: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه، وعز جلاله، فأوحى الله إليه إنك أتعبت الحفظة يا داود. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه، ويبكي ببكائه كل شيء، ويصرف بصوته الهموم والمحموم".
الأم: وكان لداود عليه السلام مائة امرأة منهن امرأة أوريا أم سليمان بن داود، التي تزوجها بعد الفتنة. وقد ذكرنا فى قصة آدم الأحاديث الواردة في خلق آدم أن الله لما استخرج ذريته من ظهره فرأى فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلاً يُزهر فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود. قال: أي رب كم عمره؟ قال: ستون عاماً. قال: أي رب زد في عمره. قال: لا إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة، ولداود مائة سنة.
الأب: وأما وفاته عليه السلام فقال الإمام أحمد في مسنده: عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار فقال له داود: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب فقال داود: أنت والله إذاً ملك الموت، مرحباً بأمر الله". ثم مكث حتى قبضت روحه فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير: أظلي على داود فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض، فقال سليمان للطير: أقبضي جناحاً.
الأم: وروي عن بعضهم أن ملك الموت جاءه وهو نازل من محرابه فقال له: دعني أنزل أو أصعد فقال: يا نبي الله قد نفدت السنون والشهور والآثار والأرزاق. قال: فخر ساجداً على مرقاة من تلك المراقي فقبضه وهو ساجد. وقيل إن الناس حضروا جنازة داود عليه السلام فجلسوا في الشمس في يوم صائف وكان قد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد، كانت بنو إسرائيل أشد جزعاً عليه منهم على داود. فآذاهم الحر فنادوا سليمان عليه السلام أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر، فخرج سليمان فنادى الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس، فتراص بعضها إلى بعض من كل وجه، حتى استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا غماً فصاحوا إلى سليمان عليه السلام من الغم، فخرج سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي عن ناحية الريح. ففعلت فكان الناس في ظل تهب عليهم الريح، فكان ذلك أول ما رأوه من ملك سليمان. والله أعلم.
الأب: هذا ما نوجزه من قصة داود عليه السلام وسيكون لنا غدا انشاء الله لقاء مع سيدنا سليمان عليه السلام. ونسأل الله العفو والعافية.
سامي الشرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق