الأحد، 25 ديسمبر 2016

26 ليلة القدر

رمضانيات
الحلقة 26
ليلة القدر

حلقات يكتبها سامي الشرقاوي
اجتماع عائلي حول مائدة رمضان
الجميع بانتظار آذان المغرب يرفع لوقت الصلاة والافطار
يتسامر الصائمون حول الطاولة فيبدأ كبير العائلة كلامه

الأب: سنتوقف اليوم مع ليلة القدر، لنعرفها أكثر ونعرف لماذا فضّلها الله ووزنها بألف شهر. فما هو فضلها يا ترى وماذا قال عنها القرآن الكريم ورسول رب العالمين سيدنا محمد خير الانام وسيد المرسلين.

الابنة: هذا والله موضوع شيق يا أبي، وكلنا شوق لمعرفة المزيد عن هذه الليلة المباركة.

الأم: رأينا ان نتوقف قليلا في هذه الليلة المباركة، لنكثر من الدعاء، ونكثر من الاستغفار ونسبح الله ونحمده على ما وهبنا اياه من نعمة الحياة ونسأله ان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

الابن: وما هي فعلا ليلة القدر وما هو فضلها وهل صحيح ان من يراها يستجيب الله له في أي شيء يطلبه؟

الاب: قال الله تعالى ( إنّا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزّل الملائكة والروح فيها من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر). إذن فإن ليلة القدر هي الليلة التي انزل الله فيها أول آيات القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (إقرأ باسم ربك الاكرم). وهي ليلة خير من ألف شهر. فيتنزل بها الملائكة وجبريل الى الارض ينفذون أوامر ربهم على العباد، وهي سلام تام على المؤمنين وخير الى مطلع الفجر.

الام: ليلة القدر، هي إحدى ليالي شهر رمضان وأعظمها قدراً، وهي الليلة التي أمر الله فيه جبريل بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في السماء الدنيا يسمى "بيت العزة"، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على محمد متفرقًا على حسب الأسباب والحوادث. فأول ما نزل منه كان في غد تلك الليلة نزل خمس آيات من سورة العلق. ( اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرأ وربك الاكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الانسان ما لم يعلم).

الأب: وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال« تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». وقال ايضا«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». وعن عائشة بنت أبي بكر أنها قالت: «يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال : "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"». وعن عبد الله بن أنبي أنه قال: «يا رسول الله، أخبرني في أي ليلة تبتغى فيها ليلة القدر. فقال: "لولا أن يترك الناس الصلاة إلا تلك الليلة لأخبرتك"».

الأم: يؤمن المسلمون ان الله عظّم أمرَ ليلة القدر فقال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) أي أن لليلة القدر شأنًا عظيمًا وبيّن أنّها خير من الف شهر فقال (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله تعالى خيرًا من العمل في ألف شهر. ومن حصل له رؤية شيء من علامات ليلة القدر وهو في يقظة فقد حصل له رؤيتها. وأكثر علاماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضى، مثل أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها أو حمراء، أو أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة. ومن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب العبادة تلك الليلة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه".

الأب: وقيام ليلة القدر يحصل بالصلاة فيها إن كان عدد الركعات قليلاً أو كثيرًا، وإطالة الصلاة بالقراءة أفضل من تكثير السجود مع تقليل القراءة، ومن يسَّر الله له أن يدعو بدعوة في وقت ساعة رؤيتها كان ذلك علامة الإجابة. فكم من أناس سعدوا من حصول مطالبهم التي دعوا الله بها في هذه الليلة ثم قال الله (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ). ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبْكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من لَدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر". فينزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة من أرزاق العباد وآجالهم من تلك الساعة الى السنة المقبلة في نفس الساعة أي سنة كاملة.

الأم: أنزل القرءان في هذه الليلة، فهي اذن الليلة الفارقة التي طوت ظلام الجاهلية وأشعلت نور الاسلام. ولانها كذلك فهي الليلة المفضلة ليس عند الله فقط بل عندالمسلمين. وجعلها الله ليلة سلام حتى مطلع الفجر، ليتفكّروا ويتدبّروا امورهم بفكر صافي وقلب نقي، ويتوبوا ويدعوا الله ليقبل توبتهم. هي فرصة يعطيها الله لعباده ان يسألوه بنية خالصة وايمان لا تشوبه شائبة.

الابن: وما هي علامات ليلة القدر؟ كيف نشاهدها؟

الأب: يقال ان من علاماتها قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر. وأنه قد يُري الله الإنسان هذه الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم . كما أن الانسان يجد في القيام لذّة أكثر مما في غيرها من الليالي. أما العلامات اللاحقة فهي أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍلا شعاع لها ). والله اعلم

الابنة: وما هي فضائلها؟

الأم: قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة). اذن من اول فضائلها انها ليلة مباركة قيل والله اعلم أن الله يكتب فيها الآجال والأرزاق خلال العام، وقد تعني الآية (فيها يفرق كل أمر حكيم) ذلك. وفيها فضل العبادة عن غيرها من الليالي، لقوله تعالى( ليلة القدر خير من ألف شهر). وتنزل في هذه الليلة الملائكة إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر). وهي ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها لانها سلام كلها. وفيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".

الابن: وهل نرى ليلة القدر بالعين البشرية المجردة؟ حيث أن بعض الناس يقولون إن الإنسان إذا استطاع رؤية ليلة القدر يرى نورا في السماء ونحو هذا.

الابنة: وكيف رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟ وكيف يعرف المرء أنه قد رأى ليلة القدر؟

الابن: وهل ينال الإنسان ثوابها وأجرها وإن كانت في تلك الليلة التي لم يستطع أن يراها فيها

الأب: قد ترى ليلة القدر بالعين لمن وفقه الله سبحانه وذلك برؤية اماراتها، وكان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات ولكن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قام هذه الليلة إيمانا واحتسابا، فانه ينال أجرها وإن لم يعلمها قال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وفي رواية أخرى: "من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".

الأم: اعتاد المسلمون على احياء ليلة القدر التماسا لها ليلة السابع والعشرين من رمضان، الا انها قد تكون في أي ليلة من ليالي رمضان، والحكمة من إخفائها ليتحقق اجتهاد العباد في ليالي رمضان كلها طمعا منهم في ادراكها وقال رسول الله تحرّوها في العشر الاواخر من رمضان والله اعلم. وفي ليلة القدر ينزل جبريل عليه السلام مع جمع كبير من الملائكة، فينزلون بكل أمر قضاه الله. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة (أي جماعة) من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل فينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر".

الأب: ومن علامات رؤية ليلة القدر رؤية نور خلقه الله غير نور الشمس والقمر والكهرباء. أو رؤية الأشجار ساجدة. ومن علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لطيفة أو سماع الملائكة ومصافحتهم أو رؤيتهم على اشكالهم الأصلية ذوي أجنحة مثنى وثلاث ورباع والله أعلم. ومن لم يرها مناما ولا يقظة واجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا رأت ليلة القدر بم تدعو قال لها قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني".

الابنة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر) أي ليالي إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. اليس كذلك؟

الأم: الله اعلم يا ابنتي ففي ذلك اجتهادات كثيرة وكأن الله يريدنا ان نحيي كل ليلة من ليالي رمضان على انها ليلة القدر لنكسب المزيد من كرم الله، وكأن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم يريد ان يخفف علينا ويعطينا اشارات وعلامات كي لا يجهدنا.

الابنة: ولماذا سمّاها الله ليلة القدر؟

الأب: يجوز ان الله اراد ان يكون لها صفة القدر أو القيمة العظيمة. ويجوز لأن الله جلّ جلاله يقدّر فيها الامور للناس. ويجوز لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". والله أعلم

الأم: وحين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه. والاحتساب‏‏ معناه خلوص النية، وصدق الطوية، بحيث لا يكون في القلب شك ولا تردد، وبحيث لا يريد الانسان من صلاته ودعائه امرا من امور الدنيا، إنما يريد أجره من الله تعالى. وربما الاجر هنا ما اشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وهو ان الله يغفر ما تقدم من ذنوب والله اعلم. لذلك يستحب كثرة الدعاء في هذه الليلة المباركة، خصوصا في طلب العفو والعافية كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث، فعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ "قلت‏:‏ يا رسول الله، إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها‏؟‏"، قال‏:‏ قولي "اللهم إنك عفوكريم تُحب العفو فاعفو عني‏"

الأب: والعفو معناه‏ التجاوز عن الخطايا، ومعناه‏‏ طلب ستر الذنوب، ومحوها وإزالة أثرها.  والدعاءُ طاعةٌ لله وامتثال لأمره، قال الله عز وجل (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) والدعاء عبادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" كما قال عليه الصلاة والسلام: "إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين". وكما قال أيضا صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر"

الأم: والدعاء سلامة من الكبر والدليل من القرآن الكريم قول الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ). وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب"

الابنة: وكيف هي ليلة خير من ألف شهر؟ أيعني هذا انها بالحساب الزمني تساوي الف شهر؟

الأب: ليلة الفدر هي  ليلة ذات قيمة نوعية، حيث إنها خير من الف شهر كما قال الله جل جلاله. والألف شهر المحسوبة في القرآن الكريم من المفترض ان تكون والله اعلم اشهر خير كلها، وتكون هذه الليلة المباركة خير منها جميعها. لذلك قال الله تعالى (وما ادراك ما ليلة القدر). لان قيمة كل ثانية فيها خير من خمسين ساعة خير. لهذا فان ليلة القدر هي ليلة حصاد أجر كبير في ساعات عمل قليلة، إنها موسم عبادي تستحق التفرغ الكلي والتخلي عن بعض الأمور الدنيوية لحصاد مستوى عاليٍ من الإنتاجية في وقت أقل.

الابن: الله ... هذا تحليل جميل لقيمة ليلة القدر

الام: ولكي تكون ليلة نزول القرآن ليلة مباركة على العباد، تم إشراك الصائمين في قدسية الليلة ومنحهم تحفيزا نفسيا وروحيا حتى يكون الختم أفضل من الأول لذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم عما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها : " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " ويقول : " تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ".

الأب: وفيما يتعلق بالتحفيز النفسي و الروحي جعلها الله تعالى أفضل من ألف شهر لمن أدركها، وهذه أكبر جائزة تحفيزية تنضاف إلى الجوائز التحفيزية التي خصصها عز وجل لعباده لأنه يعلم قصورهم وعجزهم عن عبادته على أكمل وجه. فالإنسان حتى وإن عاش ألف شهر لايمكنه بأي حال من الأحوال أن يعبد الله على أحسن صورة لعدة أسباب رياضية ونفسية وبيولوجية.

الأم: عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أَنّه قال: قال موسى: إِلهي أريد قربك، قال: قربي لمن يستيقظ ليلة القدر، قال: إِلهي أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إِلهي أريد الجواز على الصّراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر. قال: إِلهي أريد من أَشجار الجنّة و ثمارها، قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر، قال: إِلهي أريد النجاة من النار، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال: إِلهي أريد رضاك، قال: رضاي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر.

الابن: الله عليكي يا ليلة القدر ما اعظم قدرك!

الأب: وقال احد العلماء، انّ طلب معرفة ليلة القدر من مهمّات ذوي الألباب، حيث لم أجد في المعقولات و المنقولات ما يمنع من طلب معرفتها. و الظّفر بما فيها من السّعادات ومن علامتها ان تطيب ريحها، وان كانت في برد دفئت، وان كانت في حرّ بردت و طابت. وقيل ليلة القدر ليلة بلجة، لا حارّة و لا باردة، نجومها كالشّمس الضاحية. والله اعلم

الأم: جاءت التعاليم النبوية المستمدة من الوحي الإلهي الذي أوحى به إلى نبيه، في ضرورة استعداده فيها للصلاة والابتهال والدعاء والانقطاع إلى الله، والتقرب إليه ليحصل على رضاه، فيكون ذلك أساساً للتقدير الإلهي الذي يمثل عناية الله به ورعايته له وينطلق الإنسان إلى ربه مخلصاً، قائماً وقاعداً، وراكعاً وساجداً، في ابتهاله وفي خشوعه، لتكون هذه الليلة موعداً إلهيّاً يتميّز عن أيّ موعدٍ آخر. فبإمكان الإنسان أن يلتقي بالله في كل وقت، ولكن لقاءه في ليلة القدر شيءٌ آخر، فهي (خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، فالرحمة فيها تتضاعف اضعافا مضاعفة، والعمل فيها يكبر، والخير فيها يكثر، وعطايا الله تتزايد، ليكون برداً وسلاماً على قلب الإنسان وروحه...

الأب: وسرّ هذة الليلة الذي تتنزل بها الملائكة، الذين يوكل الله إليهم المهمّات المتعلقة بالكون الأرضي المتصل بالإنسان من كل أمرٍ يهمه أو يتعلق بشؤونه، في رزقه، وحركته وعمره، ونحو ذلك. كما يتنزل به الروح الذي قد يكون المراد به جبريل، الذي امتاز عن الملائكة.

الابن: وكيف ندعو في ليلة القدر؟

الأم: الدعاء والاستغفار يجب ان يكون في كل ليلة وفي كل لحظة، وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يحب ان يدعو الله ليلة القدر ويقول: اللهم انت عفو تحب العفو فاعفو عني.

الجميع: اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا.

الأب: اللهم اني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. اللهم اني أسألك العفو والعافية في أهلي ومالي وديني ودنياي. اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي. اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي وأعوذ بك ان اغتال من تحتي.

الأم: اللهم اني أشكو اليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الراحمين، انت رب المستضعفين وانت ربي. الى من تكلني. الى بعيد يتجهمني ام الى عدو ملّكته امري. ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي. ولكن عافيتك هي أوسع لي. اعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه امر الدنيا والآخرة. من ان تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة لي الا بك.

الأب: اللهم احفظ أولادي وأمّهم، وعافهم واعفو عنهم، وأعنهم وانصرهم، واهدهم وارشدهم، وارحمهم واكفهم، ومن كل شر احمهم، ومن كل مرض اشفهم، واشرح صدرهم، ويسر امرهم، وطمئن قلبهم، وهدّيء روعهم، وارح بالهم، واوسع في رزقهم، وأوفر في مالهم، وبارك في عملهم، أنت مولاهم تولّاهم، بيدك الخير انك على كل شيء قدير.

الابن: ربي ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصير.

الابنة: ربي اني مسّني الضر وانت ارحم الراحمين.

الابن: لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.

الأب: اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل والجبن والبخل والهرم. وأعوذ بك من عذاب القبر، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها.

الأم: اللهم زدنا ولا تنقصنا. وأكرمنا ولا تهنا. وأعطنا ولا تحرمنا. وآثرنا ولا تؤثر علينا. وأرضنا وارض عنا. اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك. وتحول عافيتك. وفجاءة نقمتك. وجميع سخطك. اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء. ودرك الشقاء. وسوء القضاء. وشماتة الأعداء.

الابنة: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

الابن: ربي اني مغلوبٌ فانتصر.

الأب: اللهم صلّي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد. كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم. وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد. كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم. إنك حميدٌ مجيدٌ. (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).

الأم: اللهم إنّا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا. واغفر اللهم لنا ذنوبنا. وإسرافنا في أمرنا. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. وقنا عذاب النار. اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين. اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا. واكفنا ما أهمّنا. وقنا شر ما نتخوف.  

الأب: وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

الجميع:  الحمد لله رب العالمين .... اللهم آمين ... اللهم آمين



سامي الشرقاوي.

ليست هناك تعليقات: