الأحد، 25 ديسمبر 2016

23 قصة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام


رمضانيات
الحلقة 23
المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام
حلقات يكتبها سامي الشرقاوي
اجتماع عائلي حول مائدة رمضان
الجميع بانتظار آذان المغرب يرفع لوقت الصلاة والافطار
يتسامر الصائمون حول الطاولة فيبدأ كبير العائلة كلامه

قصة عيسى عليه السلام

الأب: نبدأ اليوم قصة كلمة الله ونبيه سيدنا عيسى ابن مريم، الذي خلقه الله من روحه فكان معجزة المعجزات، وأيّده بمعجزات كثيرة لم يعطها من قبل ولا من بعد لا لنبي ولا لاحد من العالمين. وتبدأ قصته سلام الله عليه من نشأة أمه مريم البتول التي انجبته من غير معاشرة ولا دنس، وكلمها من تحتها يوم ولدته ان لا تجزعي ولا تحزني اني عبد الله.

الأم: عرفنا من قصة السيدة مريم أنها من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب اماماً في بني إسرائيل، وكانت أمها حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع أو اليصابات. وكانت أم مريم لا تحبل فرأت يوماً طائراً يزق فرخاً له فاشتهت الولد فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محرراً أي حبيساً في بيت المقدس. فلما حملت بمريم عليها السلام ووضعتها (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) عجبت انها وضعت انثى لأن ظنها ان ما ندرت ما في بطنها لله يجب ان يكون ذكرا.

الأب: وعرفنا كيف كفلها زكريا وكيف جائها جبريل بيعلمها بأمر الله وانها ستلد سيدنا عيسى المسيح كلمة الله ونبيه. وكيف لمّا وُلدت حملته وذهبت به الى القرية وواجهت اهلها واتهاماتهم لها، وهي صائمة عن الكلام بأمر الله حتى نطق الرضيع الذي بين يديها وقال انا عبد الله عيسى ابن مريم.
 (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً، وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ، وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً، وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً، وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً).

الأم: أول كلام تفوه به عيسى بن مريم وتوجّه به الى الناس كان انا عبد الله، اعترف لربه تعالى بالعبودية فهو عبده ورسوله وابن أمته . ثم أخبرهم ان الله ايضا جعله نبيا واعطاه العلم والحكمة والوحي من رب العالمين والكتاب هو التوراة والحكمة هي الشريعة. وجعله باراً بوالدته فأكد. وأتوقف هنا عند عبارة "جبارا شقيا"، فيجوز ان العبارة تعني كعبارة انه يؤكد للناس انه ابن مريم وانه ليس ولد سفاح. والله أعلم لانه في الاساس فإن الله يريد تبرئة امه من فعل الزنا على لسانه، وهذه هي المعجزة والله أعلم.

الابنة: تحليل منطقي يا أمّي، لانه في الاساس انطقه الله ليدافع عن امه التي اتهموها زورا وبطلانا.

الأم: لذلك قال تعالى في نفس السياق (ذَلِكَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فأكد على انه ابن مريم وليس كما يدّعون غير ذلك انه ابن الله، لان جل جلاله اعلى واسمى من ان يكون له ولد كالبشر، ولانه اذا اراد شيئا يقول له فقط كن فيكون، وهكذا كان سيدنا عيسى عليه السلام، خلقه ان قال الله كن فكان.

الأب: وتثبيتا لذلك يقول تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). يقول له ان الخبر الصحيح عن عيسى ابن مريم هو ما يتلوه على نبيه الكريم في القرآن، وان شأن عيسى في خلقه كشأن آدم الذي خلقه من تراب وقال له كن فيكون. وقد خلق الله سيدنا عيسى عليه السلام من روحه. وُلد سيدنا عيسى عليه السلام ببيت لحم القريبة من بيت المقدس. وقيل والله أعلم انه يوم مولده سقطت الأصنام في مشارق الأرض ومغاربها، وأن الشياطين حارت في سبب ذلك حتى كشف لهم إبليس الكبير أمر عيسى فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به، وأنه ظهر نجم عظيم في السماء وأن ملك الفرس أشفق من ظهوره. فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا هذا لمولد عظيم في الأرض. فبعث رسله ومعهم ذهب ومرجان ولبان هدية إلى عيسى.

الأم: فلما قدموا الشام سألهم ملكها عن سبب قدومهم فأخبروه، فأرسلهم إليه بما معهم وأرسل معهم جواسيسه ليتوصل إلى قتله إذا انصرفوا عنه.  فلما وصلوا إلى مريم بالهدايا ورجعوا قيل لها إن رسل ملك الشام إنما جاءوا ليقتلوا ولدك. فاحتملته فذهبت به إلى مصر، فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي عشرة سنة، وظهرت عليه كرامات ومعجزات ادهشت الناس. وكان عليه السلام يرى العجائب في صباه إلهاماً من الله، ففشا ذلك في اليهود، وكاد بنو إسرائيل لقتله، فأوحى الله إلى أمه أن تنطلق به إلى أرض مصر.

الأب: وقيل ان عيسى عليه السلام لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا قال فقدم عليه يوسف ابن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء بهما إلى إيليا وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي من العجائب، فجعلوا يعجبون منه فدعاهم إلى الله ففشا فيهم أمره. وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابن مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ). فيقال ان روح القدس هو جبريل عليه السلام، كان ملازما لعيسى، ينصره فيما يريد فعله من المعجزات ويحققها له على يديه والله أعلم. ومن هذه المعجزات انه بدأ بموعظة الناس منذ ان كان في المهد لان الله لما خلقه اعطاه الكتاب والحكمة، وانه يخلق طيرا من طين فيجعل الطين على هيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله تعالى.وكان مشهورا ان قدراته عليه السلام شملت ان يشفي من أصيب بداء البرص، وكان داء شائعا معديا في تلك الايام، وكان ايضا يبريء الكفيف ويرجع له بصره بإذن ربه، ويمشي على الماء ويجول الماء الى نبيذ والرغيف الى ارغفة تطعم المئات. أما معجزته الكبرى فكانت احياء الموت واخراجهم من قبورهم احياء بإذن ربه تعالى.

الأم: ويذكّر الله عيسى عليه السلام ان كل هذه الآيات والمعجزات جعلت بني اسرائيل يكفّون اذاهم عنه، وقد قال كفارهم ان كل هذه البينات هي من اعمال السحر. ولم يؤمن به غير قلة من الناس سمّاهم الله الحواريون وذكر انه اوحى اليهم ان يؤمنوا به وبعيسى ابن مريم، فلبوا وقالوا آمنا وأشهدوا الله ورسوله. وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يَا بَنِي إسرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)، فعيسى عليه السلام هو ختم الأنبياء من سلالة بني إسرائيل وبشرهم بخاتم الأنبياء الآتي بعده ونوه باسمه وذكر لهم صفته ليعرفوه إذا شاهدوه.

الأب: يؤمن المسلمون بعيسى كنبي مرسل وأن مولده معجزة. وعدم الايمان به أو بأحد من الانبياء يعد كفرا.  بل إن النبى محمد صلى الله عليه وسلم أثنى على عيسى ثناء منقطع النظير. كما يؤمن المسلمون بعودة عيسى بن مريم إلى الأرض ليقيم فيها العدل والحق وذلك قبل قيام الساعه ونهايه الحياه الدنيا. ويطلق المسلمون أيضا لقب المسيح على عيسى بن مريم.

الأم: ويصف القرآن عيسى بأنه كلمة الله التي ألقاها إلى مريم بنت عمران. وأنه بشر ككل البشر، وأن أمه مريم صِدّيقة اختارها الله لمعجزته بولادة عيسى من غير ذكر. وقد اختاره المولى ليكون نبي قومه وأيده بالمعجزات، وأوحي إليه الإنجيل، ولهذا يحترمُ المسلمون عيسى ويقولون عيسى عليه السلام، ويعتبرون أنفسهم أقرب الناس إليه وأولى بموالاته.

الأب: نشأ عيسى عليه السلام في بيت لحم, وظهر عليه العلم وهو صغير، وبدأ بنو إسرائيل يشكون منه، وأخذوا يتحدثون عنه أنه هو الذي سوف يهلك المنحرفين منهم، وأنه هو الذي سيظهر فسادهم، فبدؤوا يتحرشون به. لكن أمه كانت تحرص عليه حرصا شديدا، وبدأ عليه السلام يكبر وعليه علامات الصلاح والعلم والحكمة. ظهرت عليه علامات العلم والحكمة ربما منذ كان في المهد، انّما لم يؤتى النبوة الا حين بلغ عمره ثلاثين عاما عندما أنزل الله عليه الانجيل، فأظهر الرسالة وبدأ يدعوا قومه لعبادة الله وحده وطاعته، مبينا لهم صراط الله المستقيم، مصدقا لما بين يديه من التوراة.

الابنة: وهل نعرف شيئا عن حياته قبل بلوغه ثلاثين عام؟

الأب: قيل انه شاهده الناس بعد ان اخذته امه الى مصر وكان عمره اثني عشر عاما لكن ليس هناك اية سيرة له طوال اقامته في مصر وحتى بلغ الثلاثين او الاربعين.

الأم: اسمه في القرآن الكريم عيسى ولقبه المسيح. وكنيته ابن مريم. وصفته عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. واسمه بالعبرية يسوع (يشوع) أي المخلِّص، إشارة إلى أنه عليه السلام سبب لتخليص كثيرين من ضلالاتهم.

الابن: ما معنى عيسى كلمة الله؟

الأم: يختلف العلماء في تفسير هذه العبارة، فمنهم من قال ان الله خلقه بأن ألقى عليه كلمته "كن" فكان. وقيل ان سيدنا عيسى هو صار هذه الكلمة "كن" وفيها سر الله الاعظم الذي بواسطته استطاع عيسى عليه السلام فعل المعجزات. وقال بعضهم انها كلمته التي انطق بها عيسى وهو في حجر امه "انما انا عبد الله" والله أعلم وادرى ما تكون كلمته.

الأب: قيل والله أعلم ان يوسف النجار طلب خطبة مريم ليحميها من رذالة القوم وشدّتهم عليها وقذفها باتهاماتهم الباطلة. ووافقت مريم لأنه كان هذا الرجل باراً صالحاً، وهو من أبناء عمّها، ويرتزق من عمل يديه في النجارة، فارادت ان يكون كفيلا لها ولابنها لانها ادركت انها لن تستطيع ان تجابه القوم وحدها وسيكون صعبا عليها ان تكفي ابنها وحدها، او هكذا اوحى الله لها والله اعلم. خصوصا وان ملك ذلك الزمان اعلن قتل كل مولود جديد من بني اسرائيل في تلك الفترة بتحريض من كهنة بني اسرائيل انفسهم فاعلموه انه قد ولد طفل مكنوب في كتبهم انه ولد ليذهب بملكه.

الأم: وكان هيرودس في ذلك الوقت ملكاً على بني إسرائيل وقد نصّبه القيصر الروماني أوغسطس، فأمر حكام البلاد وعماله فيها أن يسجلوا جميع أفراد الرعية الداخلين في مملكته، وذلك بناء على أمر قيصري ورد إليه من القيصر أوغسطس. فذهب إذ ذاك كل إلى وطنه، وقدموا أنفسهم بحسب أسباطهم ليكتتبوا، وسافرت مريم عليها السلام وهي حبلى ومعها يوسف النجار من الناصرة إلى بيت لحم إحدى مدن الجليل لأنها كانت مدينتها وذلك ليكتتبا عملاً بأمر قيصر. ولما بلغا بيت لحم لم يجدا فيها مأوى، إذ كانت المدينة صغيرة، وجماهير الغرباء كثيرة، فنزلا خارج المدينة في مكان متخذ مأوى للرعاة. ووضعت مريم العذراء البتول طفلها. ولم تجد مكاناً تضع فيه وليدها غير مذود للماشية فهو معتلف للداوب، فكان ذلك سرير طفولته عند الوضع عليه السلام.

الأب: ولمَّا بلغ الطفل من العمر ثمانية أيام، حملته أمه مريم إلى الهيكل فخُتِن، وسمَّته عيسى (يسوع) كما أمرها جبريل حين بشرها به. والختان من سنن الفطرة، وشريعة إبراهيم عليه السلام، كما أنه من شريعة سائر الأنبياء والمرسلين من بعد إبراهيم عليه السلام. وجاء في إنجيل "متى" وإنجيل "برنابا" أن هيرودس أمر بقتل كل طفل في بيت لحم، فأُمر يوسف النجار في منامه بأن يذهب بالطفل وأمه إلى مصر، فذهب بهما إليها، وأقاموا بها إلى أن هلك هيرودس، ولما هلك هذا الحاكم أُمر يوسف النجار في منامه أن يعود بالطفل وأمه إلى بلادهما، لأن اللذين كانوا يطلبون قتله قد هلكوا، فرجع بهما. وكان عيسى حينئذٍ قد بلغ من العمر سبع سنين، وجاء بهما إلى اليهودية حيث سمع أن أرخيلاوس بن هيرودس هو الذي صار حاكماً في اليهودية، فذهب إلى الجليل لأنه خاف أن يبقى في اليهودية، وكانت إقامتهم في الناصرة، ونما في النعمة والحكمة أمام الله والناس.

الأم: ولمَّا بلغ عيسى عليه السلام اثنتي عشرة سنة من العمر، صعد مع أمه مريم وابن عمها يوسف النجار إلى أورشليم بيت المقدس، ليسجد هناك حسب شريعة الرب المكتوبة في كتاب موسى عليه السلام. ولما تمت صلواته تفقدوه فلم يجدوه. اختفى الفتى يومين وهم يبحثون عنه وفي اليوم الثالث وجدوه في الهيكل وسط العلماء يحاججُهم في أمر الناموس، وهم يعجبون كيف أُوتي مثل هذا العلم وهو حَدَث ولم يتعلم القراءة؟! فلما رأته أمه مريم عنَّفته فقال بها "أَلاَ تعلمين أن خدمة الله يجب أن تقدم على الأم والأب"!! ثم نزل عيسى مع أمه وابن عمها يوسف النجار إلى الناصرة، قائماً بواجب البر والطاعة.

الأب: ويسكت التاريخ عما وراء هذه المرحلة من حياة عيسى عليه السلام، حتى بدأت نبوته ورسالته. ولما بلغ سيدنا المسيح عيسى عليه السلام من العمر ثلاثين عاماً، جاء إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام، واعتمد منه في الأردن، ثم نزل عليه روح القدس جبريل عليه السلام، ثم إنه بعد ذلك خرج إلى البرية، وصام فيها أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب. ولمّا علم بمقتل يحيى عليه السلام، جاء إلى الجليل وترك الناصرة، وسكن كفر ناحوم، وكان يعظ ببشارة ملكوت الله. ومنذ ذلك الحين بدأت رسالة عيسى عليه السلام. والله اعلم.

الأم: بدأ المسيح عليه السلام يدعو إلى الله، في مجتمع يهودي كثر فيه اليهود الخارجين عن دين الله وهم يزعمون أنهم على شريعة موسى، وقد ادخلوا فيها انحرافات كثيرة عن الشريعة الربانية التي أنزلها الله على موسى، وأكدها الأنبياء والرسل الذين تتابعوا بعده من بني إسرائيل، كما دخلت إلى شريعتهم تحريفات كثيرة مسّت أصولها ونصوصها، وشروحها وأحكامها. فأهاب عيسى ببني إسرائيل أن يرجعوا إلى دين الله ويخلصوا له في العبادة، ويصححوا ما دخل إلى شريعتهم من تحريفٍ وتبديل. وقام يبلغهم أوامر الله ونواهيه كما كلفه الله، ويبلغهم ما أُنزل عليه من أحكامٍ تشريعيةٍ جديدةٍ. واعلمهم انه جاء لتصديق التوراة وان الله امره ان يحل لهم ما حرّمه عليهم من قبل وان الله ايّده بالمعجزات التي تؤكد صحة كلامه، ودعاهم ان يؤمنوا بالله ولا يشركوا به شيئا.

الأب: ولكنه اصطدم عليه السلام في دعوته بجدال الصدوقيين، وكانوا فرقة من اليهود تنكر اليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء، فأفحمهم بالحجة. كما اصطدم بجدال كهنة اليهود، فحاجّ عليه السلام الفريسيين "وهم المنقطعون للعبادة"، والكتبة "وهم الوعّاظ وكتّاب الشريعة لمن يطلبها، "والكهنة" وهم خدمة الهيكل، وكانت حججه عليه السلام دامغة لهم، وكانت حججهم داحضة. وصدّق بعيسى عليه السلام طائفةٌ من بني إسرائيل، وكذّبه الأكثرون، وكان مِن ضمن مَنْ صدَّقه ولازمه: الحواريُّون وهم أصحابه وتلاميذه المرافقون له، وكانوا اثني عشر رجلاً، وهم: أندراوس وبطرس الصياد، وسمعان وتوما ومتّى العشار ويوحنا بن زبدي و يعقوب بن زبدي و يهوذا وبرثولماوس و فيلبس ويعقوب بن حلفي ويهوذا الأسخريوطي.

الأم: وسأله الحواريون أن يدعو الله لينزل لهم مائدة من السماء، فأجابهم عيسى أن اتقوا الله في أمثال هذه الأسئلة ان كنتم مصدقين بكمال قدرته تعالى، فقال الحواريون: نريد بسؤالنا المائدة أن نأكل منها تبركا وتسكن نفوسنا بزيادة اليقين، ونعلم علما يقينا لا يدور حوله الشك بصدقك في دعوى النبوة، ونشهد بها عند من يحضرها من الناس. فأجابهم وقام يصلي ويدعوا ربه متضرعا له، فأجاب الله دعاءه لكنه انذرهم انه من يكفر بعد تلك الاية الباهرة فسوف يعذبه الله عذابا لا بعذبه لأحد من البشر. ثم نزلت المائدة من السماء وهم ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنوا قليلاً قليلاً، وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها بركة وسلامة فلم تزل تدنوا حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل. فقام عليه السلام يكشف عنها وهو يقول "بسم الله خير الرازقين" فإذا عليها أسماك ولحوم وخبز وخضرة وبقال وفاكهة، ولها رائحة عظيمة جداً، والله أعلم.

الأب: ولبث عيسى عليه السلام يجاهر بدعوته، ويجادل المنحرفين من كهنة وكتبة وفريسيين، ويدلهم على الله، ويأمرهم بالاستقامة، ويبين فساد طريقتهم، ويفضح رياءهم وخبثهم، حتى ضاقوا به ذرعاً. فاجتمع عظماء اليهود وأحبارهم وتآمروا على قتله. فَسَعَوا به لدى الحاكم الروماني، وزينوا له شكواهم منه، وصوّروه بصورةٍ سياسيةٍ أنّه يريد تقويض الحكم القائم! فزعموا أنه يسعى ليكون ملكاً على اليهود، وينادي بذلك! وما زالوا بالحاكم حتى قرر أن يتخلص من عيسى بقتله وصلبه!! وعلم عيسى عليه السلام بمكر القوم به، وعزم الحاكم على قتله، فاختفى عن أعين الرقباء، حتى لا يعرف مكان وجوده أعوان الحاكم فيقبضوا عليه، ولا أعداؤه من اليهود فيدلوا عليه.

الأم: دخل المسيح إلى أورشليم على حمار، وتلقاه أصحابه بقلوب النخل، فقال المسيح لأصحابه: إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلّمني. ثم جعل يوصي أصحابه ويقول لهم: قد بلغت الساعة، وأنا أذهب إلى حيث لا يمكنكم أن تأتوا معي. ثم رَفع عينه إلى السماء وقال: حضرت الساعة، إني قد مجدَّتك في الأرض، والعمل الذي أمرتني أن أعمله فقد أتممته. ومضى المسيح مع تلاميذه إلى المكان الذي يجتمع به وأصحابه فيه، وكان "يهوذا بن سمعان الأسخريوطي" وهو أحد الحواريين  يعرف ذلك الموضع، فلمَّا رأى الشُرَط يطلبون المسيح دلَّهم على مكانه مقابل بضعة دراهم، قيل انها كانت ثلاثين درهما. فلما دخلوا المكان وجدوه واعتقلوه!!

الأب: اراد حاكم القدس الروماني، التحقيق معه ومحاكمته لينظر في امر ذلك الرجل الذي يخافه أحبار اليهود لدرجة انهم يدبّرون قتله. وراح يفكّر أيضا بالسبب الذي يمنعهم ان يقتلوه بأيديهم، وهذا سهل عليهم لما يعرف عنهم بحبك المؤامرات والاغتيالات. وزاد تصميمه على ان يعرف قرار هذا الرجل الذي تحاك حوله كل هذه المؤامرات والذي سمع ايضا عن كراماته ومعجزاته.

الأم: يؤمن المسلمون بأن الله رفع المسيح إليه في السماء وأنه لم يقتل ولم يصلب، وأنه سيعود إلى الأرض في آخر الزمان ليقاتل المسيح الدجال. كما يؤمنون أن اليهود صلبوا شبيها للمسيح وقد ورد ذلك صريحا في القرآن في قول الله (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ). لذلك اختلف اليهود حول مقتله، وكانوا في شك كبير حول صلبه ومقتله، ولكنهم آثروا ان يتبعوا الظن وهم يعلمون انهم لم يقتلوه يقينا فحاروا في امرهم فيه (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)

الأب: عندما بدأت مؤامرة قتله، بعد ثلاثة أعوام على رسالته. وجاء الجند أتوا، رفع يديه بالدعاء الى الله قائلا: اللهم ربي جنّبني هذا الكأس ان اردت. ويؤمن المسلمون ان الله انجاه فأماته ورقعه اليه، ويؤمن المسيحيون ان الجند قبضوا عليه ثم بعد ذلك صلبوه وعذلوه وقتلوه. ويروى والله اعلم ان سيدنا عيسى عليه السلام لما تيقن اعلمه الله انه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه، فدعا الحواريين وصنع لهم طعاما فقال: احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك واشفقوا عليه من هذا العمل. فقال: من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه. فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم بيدي فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيركم فلا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم لبعض نفسه، كما بذلت نفسي لكم، وأما حاجتي التي استعنتكم عليها فتدعون الله لي وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي.

الأم: فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول: سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها؟ فقالوا: والله ما ندري مالنا، والله لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه. ثم قال: الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات أي قبل حلول الفجر، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني.

الأب: فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا: هذا من صحابه. فجحد وقال: ما أنا بصاحبه. فتركوه. ثم أخذه آخرون فجحد ذلك، ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه.
فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه. وجعل عيسى عليه السلام يدعو الله عزوجل أن يؤخر أجله, يعني ليبلغ الرسالة ويكمل الدعوة ويكثر الناس الدخول في دين الله.

الابنة: يعني ان هناك خلافا قويا حول مقتل سيدنا عيسى وصلبه، فهنالك من لا يصدّق ما ورد في القرآن في هذا الخصوص.

الأب: رغم الاختلاف بين الإسلام والمسيحية حول موت سيدنا المسيح فالاتفاق بين الطرفين هو في ولادة المسيح من ام طاهرة هي مريم العذراء التي حملت وانجبت ابنها بولادة من غير زرع بشر تكريما له وتكريما لها واعتبار امه طاهرة صديقة عفيفة كرمها الإسلام في القرآن حيث سميت سورة كاملة باسمها وفيها حياتها بوصف تميز به القرآن في هذه المرأة. بل انها عدت سيدة نساء الجنة. وللاخوة المسيحيين فلسفة وايمان خاص بشخصية المسيح. فهم يقولون انه الله وابن الله وانه لاهوت وناسوت وانه قتل صلبا، والإسلام يقول انه عبد مرسل من انبياء الله لكنه كلمته ومن روحه، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم. وأنا برأيي المتواضع ان لا نتوقف عند تفاصيل لا يعرفها غير الله طالما ان المسلمين والمسيحيون يؤمنون بسيدنا المسيح وبرسالته التي بشرّ بها. وكان عمر عيسى حين رفعه الله إليه 33 سنة، فمدة دعوته كانت ثلاث سنين. والله أعلم!

الأم: اجتمع سيدّنا المسيح بالحواريين وبيَّن لهم أن الله رفعه إلى السماء، وأمرهم أن ينتشروا في الأقطار يدعون إلى الله ويبلغون الرسالة التي تلقوها عنه عليه السلام. فاستجابوا لأمره، وذهب كل واحد منهم إلى جهة، وظلوا يدعون إلى الله سراً، وانتشرت الديانة المسيحية عن طريق الدعوة السِّرية، حتى هيأ الله لأتباعها أن يعلنوا دينهم بعد نحو ثلاثة قرون من رفع عيسى عليه السلام. ولا شك أنه أمارة من أمارات الساعة، إشارةً إلى نزوله من السماء إلى الأرض وقت ظهور أشراط الساعة الكبرى.  وقد بشّره الله انه من بعده سوف يعلي شأن الذين آمنوا به (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ). وانه تعالى سيجمعهم جميعا يوم القيامة ليحكم بينهم وينفذ قضاءه فيهم.

الابن: ولكن هل رفع المسيح عليه السلام الى السماء ثم مات ام مات قبل ان يرفع الى السماء؟

الأب: في ترتيب أحداث حياة المسيح بحسب نصوص الآيات القرآنية، فالولادة هي نقطة البداية (يوم ولِدْت) كلام المسيح عن حدث مضي، و(يوم أموت)، ثم (يوم أبعث حيا). وهذان حدثان تابعان ليوم الولادة. ثم يورد القرآن حديث المسيح إلى الله و فيه يقول، (فلما توفيتني) وواضح هنا إن المسيح يتكلم عن حدث وقع عليه في الماضي، ولذلك لابد أن الله توفاه و بعثه حيا، لأنه لا يتكلم و هو متوفي، فهذا الحديث بين المسيح والله تم أمام أتباعه، فيكون ذلك بعد قيامته من الأموات وقبل رفعه حيا. والله اعلم.

الأم: ويقول القرآن أيضا، إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك، ولم يُذكَر في القرآن أبدا إن المسيح رُفِعَ قبل وفاته وبعثه حيا. لذلك فقتل المسيح ووفاته شيئان مختلفان، لأن القتل بيد الإنسان أما التوفي فبيد الله لذلك قال الله للمسيح (إني متوفيك)، وتحدث إليه المسيح قائلا (فلما توفيتني). والظاهر والله أعلم ان اليهود عندما  أسلموا المسيح لكي يقتله الرومان، تضرع الى الله وقال في يدك أستودع روحي... فتوفاه الله بناء علي صلاته هذه.

الابنة: ومن صلب وقتل يهوذا الاسخريوطي؟

الأب: اجنمع القول عند الاخوة المسيحيين ان يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح وسلّمه للجنود، مما جعل المسلمون يتكهنون انه هو الذي القي عليه الشبه انتقاما منه على فعلته. كما يظهر في كثير من الدراسات المسيحية الحديثة ان يهوذا قد فعل فعلته هذه بأمر من المسيح، الذي كان يعرف بمجريات الامور التي ستحصل، فآثر ان يكون تسليمه على يد احد اتباعه ليفوز بمرتبة عالية عند الله والله أعلم بذلك.

الأم: وفي الاناجيل ورد أن الله أقامه من الأموات منتصرا على الموت و هو ظهر لتلاميذه و أراهم آثار الجراح في يديه و جسده، و بعد أربعين يوما من قيامته صعد إلي السموات أمام أعين جميع تلاميذه. والله أعلم.

الأب: وقيل انه لما مات أخذ جسده واحد من أتباعه و كفنه و دفنه في قبره، وأن الحراس الذين كانوا يضبطون القبر شهدوا لليهود إن زلزلة قد حدثت عند القبر و الحجر الذي يسد القبر قد دُحرج و إن جسد المسيح ليس موجودا في القبر. وان التلاميذ الذين رأوه حيا بعد قيامته و رأوه حيا يصعد إلي السماء، ذهبوا وأشاعوا للعالم إن المسيح قد أقامه الله من الأموات والله أعلم.

الابنة: ماذا تعني كلمة المسيح؟

الأب: في التفسير اللاهوتي كلمة مسيح اصلها كلمة عبرية وتعني مسح وتجديدا المسح بالزيت للتبريك. ومع الترجمات العديدة بعد ذلك ومنها اليونانية، برزت كلمة خريستوس اي المسيح او الممسوح وكانت عملية المسح تتم في ذلك الزمان بالدهن المقدس وكان الشخص الذي يقوم بالمسح يصير مقدسا وخصصا لخدمة الرب وكل ما يمسه يصير مقدسا.

الابن: وهل كان كل واحد من هؤلاء مسيح؟

الأم: لا لم يكن احدا من الذين كانوا يمسحون بالدهن المقدس مسيحا، بل كانوا رموزا فقط بانتظار المسيح الرئيس الذي هو عيسى المسيح.

الأب: أما عند المسلمين ففي اشتقاق اسمه المسيح خمسة أقوال أحدها: أنه قيل له مسيح لسياحته في الأرض، وهو فعيل من مسح الأرض أي من قطعها بالسياحة. والأصل فيه مسيح على وزن مفعل فأسكنت الياء ونقلت حركتها إلى السين لاستثقالهم الكسرة على الياء. وقيل إنما قيل له مسيح لأنه كان ممسوح الرجل ليس لرجله أخمص، والأخمص ما لا يمس الأرض من باطن الرجل، وقيل سمي مسيحا لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، وقيل سمي مسيحا لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، وقيل المسيح يعني الصديق والله أعلم.

الأم: كما ذكر بعض الباحثون ان المسيح ليس اسما او لقبا بل عبارة تعني مرتبة الاهية عالية، وهي واحدة من المراتب العليا التي خصصها الله لبعض عباده المشهور منهم هو المسيح عيسى ابن مريم كما ورد في القرآن وفي الكتب السماوية الاخرى.

الابنة: وهل المسيح هي أعلى رتبة الهية؟

الأب: في القرآن الكريم يذكر الله كلمة "الوسيلة" (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) ويقال ان سيدنا محمد لما نزلت عليه هذه الآية طلب من المؤمنين ان يدعون الله كي ينيله الوسيلة فيشفع لهم يوم القيامة، وطلب من الله ان يستجيب لهم. ويقول تعالى ايضا (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) فالجنة درجات أعلاها الفردوس الأعلى وهو تحت عرش الرحمن جل وعلا. وأعلى مقام في الفردوس الأعلى هو مقام الوسيلة وهو مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سأل الله له الوسيلة حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .

الأم: فيجوز ان يكون سيدنا المسيح عليه السلام له اعلى الرتب الالهية، وهي رتبة شرّفه بها الله في الارض بين الناس والبشر. والوسيلة هي المنزلة الالهية الاعلى التي وعدها الله لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ليشرّفه بها في السماء.

الأب: وبهذا نختم بعون الله قصة سيدنا المسيح عيسى ابن مريم، عليه السلام، ليكون لنا لقاء غدا مع قصة عام الفيل حتى ولادة الهدى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولندعو له كلنا: اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيله وابعثه المقام المحمود الذي واعدته انك لا تخلف الميعاد.

آمين يا رب العالمين

ليست هناك تعليقات: