الأحد، 25 ديسمبر 2016

3 قصة نوح عليه السلام

  رمضانيات
حلقات يكتبها سامي الشرقاوي
الحلقة الثالثة
نوح عليه السلام
اجتماع عائلي حول مائدة رمضان
الجميع بانتظار آذان المغرب يرفع لوقت الصلاة والافطار
يتسامر الصائمون حول الطاولة فيبدأ كبير العائلة كلامه

الإبنة: كم كانت جميلة يا أبي قصة سيدنا ادريس، انه فعلا وحقّا أبو المعرفة.

الإبن: لم نكن نلحظ أن سيدنا ادريس عليه السلام هو أساس الحضارات، ولا عجب ان يرفعه الله مكانا عليا.

الإبنة: ولكن للأسف فإن الشيطان ملتزم بعمل الاغواء، ولا بد أن قصة سيدنا نوح اليوم ستلقي الأضواء على الحياة بعد سيدنا ادريس وخلال الفترة الزمنية لسيدنا نوح.

الأب: تماما، وأنا سعيد لانسجامكم مع شخصيات انبياء الله، وأنّكم تتعلّمون من حياتهم أشياء لم تكونوا تعرفونها من قبل. أما سيدنا نوح فقد ولد من لامك ابن ادريس، وكان الفساد قد عمّ في الارض، من قبائل سليلة قابيل، الذين كانوا قد هاموا في البلاد، وسيطر عليهم ابليس اللعين، وعلّمهم الفسق والفجور، وصارت كل حياتهم لهوا وعبثا، وكانوا ينزلون من الجبال، ليعتدوا على الناس ويسرقونهم ويقتلونهم.

الأم: شاع الكفر، وانتشرت عبادة الاصنام والشياطين.  فأراد الله ان يبعث نوحا نبيا ورسولا، وهو أوّل رسول بعث الى اهل الارض من اهل الارض . فدعاهم نوح الى عبادة الله وحده، وأن لا يعبدوا صنما ولا تمثالا ولا شيطانا. وطال الجدال بين نوح وأهله، فعاش نوح ينشر الهداية من جيل الى جيل حتى بلغ من العمر 950 سنة.

الأب: ولكن قوم نوح لم يصدّقوه، وسفّهوه، و سخروا منه ومن حديثه، ولاقى منهم كل استهزاء، حتى ضاق صدره بهم، وشكى أمره الى ربه، وطلب مساعدته، ورجا الله أن ينصره عليهم.

الإبنة: لا بدّ أنه يأس منهم تماما وأنهم أذاقوه الامرّين من استهزائهم به.

الإبن: وكيف ييأس نبي الله يا أبي؟ ألم يكن صابرا مثل باقي الانبياء؟

الأب: على العكس، كان سيدنا نوح من الصابرين ومن أولي العزم، وأمّا شكواه الى الله فإنها لحكمة الهية بعد أن صدر القرار الالهي بأنّ قوم نوح لا جدوى منهم، وأنهم لن يؤمنوا أبدا، ولا بد من انزال أشد العذاب بهم.

الأم: والدليل على صبره أنه عاش 950 سنة، أمضى منها جزءا كبيرا يبني السفينة بصبر وعزم. صبر على مشقة العمل وايذاء القوم له وعزم على بناء الفلك لتخليص المؤمنين.

الإبن: بالفعل كما قلت يا أمي ان سيدنا نوح من الصابرين الصبورين. فليست حياته بالحياة السهلة.

الأب:  فناداه ربه يخفف من وطأة عذاب نفسه، ويطمئنه أنه معه ولن يخذله، وأنه قد حان الوقت لينزل عذابه على الذين كفروا، فأمره ببناء سفينة، وأرسل له الملائكة يعلّمونه صناعة السفن، ويساعدوه في المقاييس.

الأم: وبدأ في البناء، وكان الناس كلما يمرّون ناحيته يضحكون عليه. فينقم عليهم أكثر، حتى أنه دعا ربه أن لا يترك أحدا منهم له أثر على وجه الارض (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا). فهو يريد أن ينمحي أثرهم كي لا يجلبوا نسلا آخرين مثلهم في الكفر والطغيان. (إنك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفّارا).

الأب: وأعلم الله رسوله أن الامر قد صدر، (وأوحي الى نوح أنه لن يؤمن من قومك الا من آمن) وأن البأس والبلاء سيحل قريبا على قومه ولن يكون له مردا.

الأم: وأعلمه أنه سيغرقهم جميعا، (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم قوما مغرقون) وأمره أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات وكل ما فيه روح، وأن يحمل من المأكولات ما يكفيهم، وأن يحمل معه اهل بيته الا من سبق عليه القول منهم اي من كافرا، فقد نفذت فيه الدعوة. (حتى اذا جاء امرنا وفار التنور، قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه الا قليل)- صدق الله العظيم.

الإبنة: وما معنى فار التنور؟

الأب: يعني أن الارض فارت بمائها. فصار ينبع منها بقوة.

الإبن: ومن هم القليل من أهله؟

الأم: والقليل من أهله هم والله أعلم، ثلاثة ابناء له هم: سام وحام ويافث مع زوجاتهم، وبقي ابنه يام، غير ان زوجة يام كانت صالحة فدخلت السفينة.

الأب: أما امرأة نوح وأم جميع أولاده فكانت ممن سبق عليهم القول فغرقت مع الغارقين ويقال انها ماتت قبل ان يقوم الطوفان والله أعلم.

الأم: أمر الله نوحا أن يحمد ربه الذي نجاه من القوم الفاسقين، وعندما توسّل نوح الى ربه ان يهدي ابنه الذي تمنّع عن ركوب السفينة، ليكون ايضا من الناجين لانه ابنه، قال الله انه ليس من اهلك، وأنّه عمل غير صالح وانه سيغرقه بكفره. (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).

الإبنة: وكيف يكون ليس من أهله. وماذا يعني الله تعالى أنّه عمل غير صالح؟

الأب: يختلف المفسرّون لهذه الآية فمنهم من يعتبر أنّه من المحتمل أن تكون امرأة نوح خانته وأنجبت بالزنا. ومنهم من يرفض مقولة الخيانة لزوجة نبي، ويعتبر أن المقصود هو ان هذا الولد قد اختار أن لا يكون من أهل نوح الذين ركبوا السفينة معه وبذلك يكون ولدا فاسدا عاقّا اختار الكفر على الايمان. والله أعلم

الأم: ويروى أن آخر من دخل من الحيوانات الحمار، فدخل ابليس متعلقا بذنبه. والله أعلم.

الأب: ورد في أساطير الروايات عن قصة نوح ان السفينة كانت مؤلّفة من ثلاثة طبقات؛ طبقة للدواب والوحوش، وطبقة للناس وطبقة للطيور. فلمّا كثر روث الدواب، هزّ نوح بوحي من الله ذنب الفيل فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبلا على الروث يلتهمانه، ولمّا صار الفار ينخر في خشب السفينة، ضرب نوح بين عينين الاسد فخرج من أنفه هر وهرة  فأقبلا على الفار.

الأم: (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ) وقع القضاء وبدأت الارض تفور والماء ينبع منها بشكل متواصل حتى بدأ يعلو على سطحها ويشكّل بحرا هائلا فيه موج عالي كالجبال. (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا). أي بعد أن انتهى نوح من تحميل السفينة جرت تشق طريقها وسط المياه التي أغرقت الارض وصارت بحرا عاصفا.

الأب: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ) أي ان السماء انهمرت مطرا لم يسبق له مثيل، حتى بات الماء يعلو على سطح الارض، لا يجد تصريفا في الارض، فجرت السفينة بسم الله مجراها ومسراها.

الإبنة: هذا المشهد يبدو تماما كأمواج التسونامي التي ضربت شواطي اندونيسيا. ويجوز أن يكون أعظم.

الأم: يعجبني هذا التشبيه والربط بين ما حصل في زمن نوح وبين ما يحصل في زمننا.  

الأب: لم يقتنع ابن نوح الرابع ان يصعد فيها وقال لابيه انه سيأوي الى جبل عال يعصمه من الماء، ولم يدر أنه لن ينجو أحد من عذاب ذلك اليوم، الا من كان في السفينة. وطغى الماء على كل البر.

الأم: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) والدسر هي المسامير. انظروا براعة وصف المشهد في جملة واحدة.

الإبن: الله ما أجمل كلمات الله

الأم: يقال أن السفينة مخرت عباب الماء اربعين يوما وليلة، وكان نوح يرسل حمامة تستطلع كل يوم اذا كان هناك من بر ترسو اليه، فتعود خائبة، الى ان جاءت بالبشرى.

الأب: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) أمر الله السماء أن تنقطع عن المطر وأمر الارض أن تبلع مائها، حتى غاص في جوف الارض ولم يعد له أثر.

الأم: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) أمر الله نوحا ان يهبط الى البر بسلام واطمئنان هو ومن معه وأنعم عليهم وعلى ذريتهم باليمن والبركات. وكان استقرار السفينة على جبل الجودي، ويقال أنه جبل ارارات في منطقة ارمينيا شمال تركيا والله اعلم.

الأب: اللافت في هذه الآية أن الله يقول أنه سيكون أيضا من نسل نوح أمم سيصيبهم عذاب من الله بعد أن يمتّعهم بنعيم الدنيا وهؤلاء هم سلالة الكفّار.

الإبن: ولكن كل من ركب مع نوح كانوا من المؤمنين!

الأم: أجل ولكن لا تنسى أنّ الشيطان ربما اندسّ بينهم ثم راح يوسوس لهم ولذريّتهم من بعد. وطبعا هنالك من يكون قد استمع للشيطان وعمل بأوامره.

الأب: عندما اطمأن نوح على البر وقوله تعالى: تجري بأعيننا - أي بحفظنا وحراستنا.
قال جماعة من المفسرين: أرسل الله المطر أربعين يومًا، ويقال: إنهم ركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، وكان الماء نصفين نصفًا من السماء ونصفًا من الأرض وقد عمّ جميع الأرض سهلها وجبالها وقفارها، فلم يبق على وجه الأرض أحد ممن عبد آلهة غير الله عز وجل (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ).

الأم: يقال أن السفينة طافت بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فدارت حوله أسبوعًا، ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى جبل الجودي وهو بأرض بين تركيا والعراق فاستقرّت عليه. والله أعلم

الأب: ولمّا غاض الماء أي نقص عما كان وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها هبط نوح ومن معه من السفينة التي استقرت بعد سيرها على ظهر جبل الجودي قال الله تعالى: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ).

الإبنة: وكأن الله يبشّره بذرية عظيمة!

الأم: بالطبع. فالناس كلهم من نسل نوح والذين كانوا معه على السفينة وهم أولاده وبناته، وقد حدد الله انه لم ينجو احد غير نوح وذريّته عندما قال (وجعلنا ذريته هم الباقين)-  فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة.

الأب: قيل ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام، وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة أمّة متكاملة حضاريا: فولد سام هم العرب وفارس والروم، وولد يافت هم الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام هم أهل السودان والبربر وافريقيا.

الأم: بعد الطوفان توجّه يافث نحو ارض الاناضول (تركيا) حيث استقر هناك ثم انتشر شمالا، ومن ذريته تناسلت الترك والقبجاق والتتر والسلاجقة والهياطلة والخلج والشركس والخزر والصقالبة والصين والأفرنج والقوط واليونان ويأجوج ومأجوج . وانتشرت هذه الامم في بلاد شمالي ايران، ارمينيا وروسيا والشرق الادنى والاقصى. كما استمروا في الانتشار في كل الاراضي الشرقية والغربية والشمالية لاوروبا ، ومنهم من تابع جنوبا نحو فرنسا واسبانيا وايطاليا والجزر اليونانية.

الأب: ومن حام جاءت شعوب إفريقيا في شمالها ومنهم أبناء الفراعنة المصريين والأقباط والبربرة والامازيغ والسودان واليمن وارتيريا والصومال وبعض شبه الجزيرة العربية ومناطق في الهند والسند بباكستان والاحباش وأهل زنجبار وبقية بلاد جنوب ووسط إفريقيا، وسلالة كنعان ابن حام الذين سكنوا فلسطين وبعض بلاد الشام وكريت وقبرص منذ الماضي الى هذا العصر.

الأم: ومن كنعان كانت فروع أنشأت امما وحضارات لها وزنها في المنطقة ومنهم:
الحيثيون الذين استملكوا الاناضول.
الحوبيون واليبوسيون الذين استوطنوا الاراضي حول مدينة القدس قبل ان توجد.
الآموريين: عاشوا ما بين الاردن وسوريا وجزء من السعودية العربية.
الجرجان الذين أخذوا دلتا النيل في مصر.
العكاريون وعاشوا في بلاد عكار (لبنان).
السينيون الذين استوطنوا في صحراء سيناء.
الارواديون الذين استملكوا جزيرة ارواد (سوريا).
الدمّريون وهم أهل دمّر (سوريا).
والحمويون وهم أهل حماة (سوريا).


الأب: الابن الثالث هو سام وفي سلالته النبوة ومنه العرب والآشوريون والسريان والفرس والكرد والنبط والأرمن وبنى مدين وبنى يعقوب.
من سام جاء العرب البائدة: عاد وثمود والأنباط وطسم وجديس وعبد ضخم وأميم والعمالقة وجرهم وقطوراء ومدين.
و العرب الباقية: العاربة وهم قحطان سكان أرض اليمن وجزء من السعودية. و العرب الباقية المستعربة: و هم العدنانيين نسل إسماعيل بن إبراهيم.


الإبنة: وأظن أنه من سلالة سام جاءت أمم أخرى مثل الفرس والبلوش في باكستان بإقليم بلوشستان، والسومريين و البابليين والآشوريين والفينيقيين والآراميين وبني إسرائيل والروم بني الأصفر وعمون ومؤاب.

الأم: هذا صحيح فمواطن سلالة سام بن نوح – عليه السلام - هي بلاد الشام والعراق وإيران والجزيرة العربية واليمن وعمان وبلوشستان في باكستان. ويعرف سام بأنه الجد الاول للعرق السامي. ويعتبره اليهود انه الاب الاول لهم لأنه والد أرفخشد الذي من نسله جاء اليهود. وكان له خمسة اولاد ذكور منهم ولدت امم وحضارات عريقة أهمها:
عيلام: الذي استوطن كازيستان وايران.
آشور: الذي انتشر في بلاد العراق.
أرفخشد: الذي استملك العراق/بابل، تركيا، سوريا، لبنان وبعض الاردن والسعودية.
لاوذ: الذي سكن بلاد الاناضول.
وآرام: الذي سكن في العراق وسوريا.


 الأب: يعتبر معظم المؤرخين والعلماء ان اولاد سام الخمسة هم المؤسسون للحضارات الآشورية والسومرية والاكادية والكلدانية والليدية الايرانية. ويعتقد بعض العلماء ان ذرية سام هي التي انشأت الامم الاوروبية وليس يافث. والمؤرخ الاسلامي "الطبري" يؤمن بأن اليونان هم من سلالة سام.
 

الأم: أمّا أرفخشد الذي هو ابو اليهود فله ثلاثة ابناء ذكور هم:
كنيعان: الذي لسبب مجهول أسقط اليهود اسمه من لائحتهم الوراثية.
شالخ: ويجوز ايضا ان يكون ابن كنيعان وليس أرفخشد وكان له ولد ذكر اسمه "عابر" ومنه جاء النسل العبري، وكان يعيش في بلاد بابل، غير ان الكتب اليهودية تناقلت انه رفض ان يشارك في بناء برج بابل، وكان له ولدان ذكور هما فالغ وقحطان.
أما فالغ فقد جاء في العهد القديم ان الارض انقسمت في عهده. وقد ترجم هذا الاصطلاح (الارض انقسمت) على انه الانقسام السياسي بين ابناء نوح، وبداية الصراعات بينهم، وكان ابراهيم من سلالة فالغ.
وأخيرا قحطان وقد عاش في شبه الجزيرة العربية وتولى ابناءه رعاية اسماعيل بن ابراهيم بعد ان تركه والده مع امه هاجر في ارض مكة.

الأبن: الله هذه معلومات شيقة لا بد ان ابحث عن المزيد منها

الأب: حسنا تفعل يا صديقي .... وارجو ان تخبرني بأي معلومة تجدها  كي نتشارك بالمعرفة.

الأم: فلنتابع اذن ما نعرفه عن هذا الطوفان الذي أنهى حياة وبدأ حياة.

الإبنة: لقد قرأت في بعض الدراسات أن الأبحاث الجيولوجية وإستنادا إلى دراسة المتحجّرات وطبقات علم الأرض تشير الى إن هناك دلائل على حدوث فيضان في منطقة الشرق الأوسط في العصور القديمة ولكن الأبحاث لم تؤكد المعتقد الديني السائد إن الطوفان المذكور هو طوفان نوح وأنّه قد شمل جميع أصقاع الأرض.

الأب: نعم هذا صحيح، وتشير دراسات أخرى بأن البحر الأسود كان عبارة عن بحيرة في العصر الجليدي وإن درجة حرارة الأرض بدأت بالارتفاع قبل حوالي 12,000 عاما وبدأت الكتل الجليدية بالذوبان وإنه قبل ما يقارب 7000 عاما حدث امتداد لمياه البحر المتوسط وحدث طوفان بإتجاه تركيا وكانت قوة الطوفان معادلة لما يقارب 200 مرة قوة شلالات نياغارا.

الإبن: وأنا أيضا شاهدت مثل هذا في حلقة علمية متلفزة، تظهر أن دراسة المتحجّرات تشير إلى حدوث سلسلة من الفيضانات بين عامي 4000 إلى 2000 قبل الميلاد في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين والتي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات من ضمنها اراضي تقع الآن في سوريا وتركيا والعراق وانه من المحتمل جدا ان تكون قصة الطوفان قد نشأت من إحدى هذه الفيضانات وتركت أثارا واضحة في كتابات وأساطير ومعتقدات هذه المنطقة في الشرق الأوسط.

الأب: هذه المعلومات لا أعرفها وانا أشكركم على اغنائنا بها، وهذا يستدعي ان نلقي ضوءا على سفينة نوح من حيث معجزة بناءها وقدرتها على خرق المياه العالية.

الأم: يمكنكم طبعا أن تتصوروا أن ما حصل هو بسبب "سوبر" تسونامي جاء بموج عنيف شاهق العلو، جرف كل شيء بحيث باتت المياه تعلو اليابسة حتى لم يعد هناك من يابسة... فكيف استطاعت تلك السفينة أن تقاوم كل تلك العواصف والامواج والمياه العنيفة؟

الإبنة: قرأت في بعض المواقع أن السفينة كانت عظيمة الطول والارتفاع والمتانة. وقد اختلف المفسّرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي تمّ صنعها فيه، ومقدار طولها، وعرضها. وقالوا أقوالاً متعارضة لم يصح منها شيء.

الأب: كان نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنعها، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جنّ نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم منه. يهزأون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

الأم: أجل صار نجارا ومهندسا عظيما ولكنه بقي أيضا نبيا ورسولا. انتهى من صنع السفينة، وجلس ينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أن فوران التنور علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمراً من الله لنوح بالحركة. والله اعلم، ولكن الارجح أن الارض كلها أصبحت بركان يغلي تحتها الماء حتى فار وطغى على البر.

الأب: وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين للصعود اليها. حمّل في السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات، وذلك لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. صعد الجميع اليها وكان عدد المؤمنين قليلا.

الأم: لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا. والله اعلم؟

الأب: ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية في المياه.

الأم: إن السفن التجارية مصمّمة لتكون انسيابية حتى تشق الماء بدون مقاومة كبيرة فالمقدمة مدبّبة منحنية وكذلك القاع لأنها قد تتحرك في إتجاه مضاد لحركة الماء أو متعامد عليه.

الأب: غير أنه لم يكن لسفينة سيدنا نوح وجهة محددة ويجوز أنها كانت تخلو حتى من دفة توجّهها، وبالتالي يجوز انها لم تكن على شاكلة السفن التقليدية. لأنه لم يكن المطلوب أن تشق الماء بل الماء هو الذي يحملها ويدفعها.. ودليل هذا قوله تعالى (بسم الله مجراها ومرساها).

الأم: ويقول تعالى : على ألواح ودسر... أي ألواح خشبية مثبتة بمسامير... مما يؤكد وجود عوارض خشبية أسفل السفينة لتقوية بنيتها ودعمها من جرّاء احتكاكها بالماء.

الأب: وعندما يصفها تعالى بالفلك المشحون....يجوز أن نبني على هذا القول ونتصوّر أن هذه السفينة كانت على شكل صندوق قد تكون قاعدته مستطيلة أو مربعة . وهذا الشكل قد يكون أسهل أيضا لركوب الحيوانات خاصة أنه عندما ركب الجميع في السفينة فهي كانت راسية ومستوية على البر.

الأم: وما قد يعزز هذا التصور أيضا هو رسوها وإستوائها أي بشكل متوازن وقائم على الجبل (واستوت على الجودي). وليس في هذا أي إنكار لقدرة الله أن يرسيها بإستواء حتى وإن كانت بالشكل التقليدي للسفن .

الأب: كما أن صنع السفينة تم بإشراف ووحي من المولى عز وجل (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا)
ولعلنا نلاحظ أن كلمة أعيننا قد سبقت كلمة وحينا مما يدل على أن سيدنا نوح كان هو الذي يبدأ بالتنفيذ تحت إشراف المولى عز وجل فإن أخطا يأتيه الوحي بالتصحيح. والله أعلم

الأم: وما نعرفه هو أن قدرة المولى عز وجل في الخلق تتجلى في تناسق وتناسب التصميم، وهذا واضح تماما في خلقه الكون وجميع المخلوقات اذ يتبيّن تناسب المخلوق مع الوظيفة التي خلق من أجلها. سواء كان هذا عضو من أعضاء الانسان أو الحيوان أو جزء من نبات أو إحدى خصائص الجماد ..... النسبة الالهية (الذهبية)

الابنة: تعني نسبة 1.618 في الاجزاء ... التي اكتشفت في الانسان والحيوان والنبات؟

الأب: تماما هي هذه النسبة التي تُدعى (فاي) والتي يعتمدها الرسامون والنحاتون في اعمالهم. ويبلغ الاتقان حدّه لدرجة أننا نقف مذهولين ولا نستطيع تصور أي تصميم آخر. ولهذا فإن سفينة سيدنا نوح لابد أنها كانت مناسبة جدا لوظيفتها ومتناسبة مع القوة التي كانت تحملها وكذلك التي تدفعها.

الأم: ولقد ذكر المولى عز وجل سفينة سيدنا نوح بلفظ "الفلك" في كل الآيات ما عدا آية واحدة وردت في سورة العنكبوت (فأنجيناه وأصحاب السفينة) – فبجوز ان يكون ذلك ان " الفلك المشحون" ادّى وظيفته الاعجازية برعاية الله حتى بان بر الامان وتحوّل الى سفينة يملكها من على متنها برعاية قبطانها نوح.

الأب: وقد شاء الله أن تستمر الحياة مرة أخرى بعد الطوفان، وبدأت ذرية نوح تنتشر في البلاد، وتبني المدن والقرى.

الأم: من الجيّد ايضا ان نستشفّ من قصة سيدنا نوح بعضا من المعلومات أو الاشارات العلمية التي وردت فيها.

الإبن: مثل ماذا يا أمي؟ فأنا أحب هذه المعلومات.

الأم: من عظمة القصة القرآنية أنها تأتي بإشارات علمية دقيقة وخفية، ومن روائع هذه الإشارات العلمية ما جاء في قصة  طوفان سيدنا  نوح عليه السلام. فقد حاول الإنسان منذ القدم معرفة أسرار المطر، ومن أين تأتي الغيوم، وفي العصر الحديث وجد العلماء أن هذه الغيوم ما هي إلا ذرّات من بخار الماء الذي تتبّخر من البحار والمحيطات والأنهار وتصعد إلى ارتفاعات كبيرة في الجو حيث درجة الحرارة تنخفض إلى ما دون الصفر فتتكثف وتشكل كتل الغيوم ومن ثم تبدأ الأمطار بالنزول. إذن الماء صعد من الأرض وعاد إلى الأرض.

الإبنة: نعم هذه حقيقة علمية ثابتة.

الأم: والحقيقة أيضا انه لم يكن لأحد علم بها زمن نزول القرآن.

الأب: صحيح. ولكن الذي يتتّبع القرآن يرى بعض الإشارات الرائعة لذلك. فبعد أن فتح الله أبواب السماء بماء منهمر، وفجَّر الأرض عيوناً، حدث الطوفان وأغرق كل من كفر بالله تعالى، وأنجى الله عبده نوحاً عليه السلام مع المؤمنين، ثم قال تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)

الإبنة: ما معنى (ويا سماء أقلعي وغيض الماء)؟

الإبن: وكيف تبلع الارض ماءها؟

الأم: في قوله تعالى (ابْلَعِي مَاءَكِ) إشارة إلى أن الماء يعود للأرض، فمع أن الماء نزل من السماء وقسم منه نبع من الأرض إلا أن الخطاب جاء للأرض أن تبلع ماءها، إذن كل الماء هو للأرض وهذا يشير إلى أن الماء الذي نزل من السماء إنما جاء من الأرض أصلاً.

الأب: في علم المياه هناك حقيقة تقول بأن الماء تحت الأرض مضغوط بنسبة أو بأخرى، ولكنه محاط بطبقات من الصخور، فإذا ما زاد ضغط الماء تحت الأرض أدّى إلى اندفاعه بشكل مفاجئ باتجاه السطح بما يشبه الانفجار!!

الإبنة: وهذا يفسّر انفجارات الينابيع المائية.

الأم: حتى إن العلماء يستخدمون كلمة Explosion أي "انفجار" للتعبير عن الآلية التي تتفجر فيها الينابيع من الأرض، وهذا يعني أن القرآن صحيح في تعابيره علمياً عندماا يخبرنا بقوله تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ - وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ).

الإبن: الله أكبر ما أجمل هذه الدقّة في التعبير.

الأب: تأملوا معي هذا التعبير الرائع (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا) فهو تعبير دقيق من الناحية العلمية، والذي يؤكد ذلك أن الله تعالى أعطى لسيدنا نوح مؤشراً على اقتراب حدوث الطوفان أن يرى التنور يفور! والتنور في الغالب عبارة عن حفرة في الأرض تُصنع من أجل إيقاد النار وتحضير الطعام، وهذه الحفرة – والله أعلم- تسرَّب إليها الماء من جوف الأرض وبدأ بالفوران كما نرى اليوم في الينابيع الحارة التي يغلي الماء فيها.

الإبنة: وانفجار الينابيع يشكّل البحيرات ويخرج الماء من الأرض مضغوطاً ويرتفع وقد يصل ارتفاعه إلى أكثر من مئة متر.

الإبن: الله أكبر هذا صحيح!

الأب: إن رؤية بعض الماء الذي يغلي من ينبوع مثلاً بدرجة حرارة عالية فإن هذا يؤشر إلى قرب انفجار ذلك الينبوع، وهذا الانفجار يحدث عادة بشكل مفاجئ، وربما يكون هذا ما حدث مع سيدنا نوح كمؤشر له ليبدأ الركوب في السفينة.

الأم: قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ). ففي قوله تعالى (وَفَارَ التَّنُّورُ) إشارة علمية لاقتراب حدوث الانفجارات النبعية التي ستشكل الطوفان.

الأب: وقال تعالى: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ). وهذه إشارة إلى ارتفاع هذا الموج، وإلى وجود ريح قوية أو إعصار، والتشبيه القرآني للموج بالجبال يدل على أن ارتفاع الموج كان يبلغ عدة مئات من الأمتار، وهذا ما نشاهد عينة منه في الطبيعة في اعصارات تسونامي، التي تتسبب بخراب مدن وتشريد شعوب، وهذه التسوناميات لا تأتي بمقياس جزء صغير جدا من التسونامي الذي حصل في عهد سيدنا نوح ... فيمكنكم ان تتصوروا المشهد المفزع.

الأم: إن الأمواج التي نراها في المحيطات يمكن أن تبلغ ارتفاعات لا تتجاوز عشرات الأمتار، ولكن الأمواج التي حدثت زمن سيدنا نوح كانت بارتفاع الجبال أي مئات أو آلاف الأمتار، وهذا يدل على أن الطوفان كان حدثاً غيّر مجرى البشرية، ولم يحدث مثله على مر العصور.

الإبن: ما زلت بانتظار تفسير (يا سماء أقلعي وغيض الماء)

الأب: عذرا للتأخير، فقد أخذتنا الشروحات العلمية. أما بالنسبة الى الآية فقوله (يا سماء أقلعي) فإن الله عزّ وجل يأمر السماء أن تتوقف عن المطر. وقوله تعالى (وغيض الماء) أي بدأ بالانحسار.

الإبن: هل هذا هو التصوير لنهاية الكارثة؟

الأم: بالظبط. ولا تخلو قصة سيدنا نوح من العبرة والفائدة، وهذا ما يميز القرآن عن غيره من كتب البشر، فكل آية تحمل عبرة ما نتعلمها، وقصة سيدنا نوح مليئة بالعبر والمواعظ والفوائد، بل إن مجرد قراءة هذه القصة يعتبر نوعاً من أنواع العلاج. فكما نجى الله سيدنا نوحاً ومن معه من المؤمنين كذلك فإن الله قادر على أن ينجينا من أصعب المواقف.

الأب: سيدنا نوح عليه السلام هو نبيّ من أنبياء الله تعالى الذين صبروا طويلاً على قومهم. فقد كان يدعوهم إلى عبادة الله تعالى، ويأمرهم أن ينتهوا عن ضلالهم ويتوجّهوا بعبادتهم إلى الله عز وجل. وكاد أن ييأس من قومه ولكن الله كان يثبته على الحق، فكان يحاول معهم بأن يرشدهم إلى الطريق الصحيح، ولكنهم كانوا يصرّون على طغيانهم وكفرهم بالله تعالى.

الأم: واستخدم نوح عليه السلام أساليب متنوعة في الدعوة إلى الله، فقد كان يذكرهم بنعم الله عليهم، ويذكّرهم بفضل الله تعالى وأنه أعطاهم القوة والصحّة والعقل ورزقهم الطعام والشراب، ولكنهم لم يستجيبوا له، ولم يشكروا الله تعالى على نعمه.

الأب: كان يأمرهم بالاستغفار وهو أن يستغفروا الله تعالى، فكان يقول لهم ويكرّر: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا - يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا - وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا). وهذا يدلّ على أنه من يستغفر الله فإن الله سيعطيه أشياء كثيرة منها: غفران الذنوب وانبات الزرع وجلب الرزق والنسل الصالح وجنات تجري من تحتها الانهار.

الأم: وهذه هي نتيجة الاستغفار، فهل نستغفر الله تعالى ونقول كما علّمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «أستغفر الله العظيم»؟

الإبنة: استغفر الله العظيم

الإبن: استغفر الله العظيم

الأب: استغفر الله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين الذي رزقني زوجة طاهرة وأولادا صالحين

الأم: اذا تأملنا أكثر في قصة نوح كما رواها لنا القرآن الكريم، لوجدنا أن هناك شيئا من الاسلوب العلمي في دعوة نوح الى الله عز وجل

الإبنة: وكيف هذا يا أمي؟

الأم: كان نوح يأمرهم بالنظر إلى السماوات من فوقهم، ويأمرهم أن يتأمّلوا الشمس كيف تضيء وتبث الحرارة، ويأمرهم أن ينظروا إلى القمر كيف ينير في الليل. وهذا أسلوب علمي في الدعوة إلى الله فكيف استخدمه سيدنا نوح؟ من منكم يعرف ألاية العلمية التي خاطب بها نوح قومه.

الإبنة: بسم الله الرحمن الرحيم: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا - وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا).

الأم: عظيم. إذن السماوات السبع هي طبقات بعضها فوق بعض. والشمس هي كالمصباح المضيء الذي يحرق الوقود ليعطي الدفء والحرارة والنور. إن العلم الحديث قد أثبت أن الشمس هي سراج يحرق الوقود ليبث الضوء والحرارة، وأثبت العلم أيضاً أن القمر صفحة تعكس نور الشمس علينا، وهذا من معجزات القرآن التي لم يكن أحد يعلمها زمن نزول القرآن، ولكن العلماء حديثاً اكتشفوا هذه الحقائق الكونية.

الإبن: وهذا يدلّ على أن سيدنا نوح عليه السلام قد استخدم أسلوب الحقائق العلمية لدعوة قومه إلى الإيمان بالخالق سبحانه وتعالى.

الأم: لقد استخدم سينا نوح أسلوب الإعجاز العلمي في دعوته إلى الله، وهكذا جميع الأنبياء عليهم السلام، فهل نقتدي بهم في دعوتنا إلى الله عز وجل؟!

الإبن: بالطبع أنا أومن بهم.

الإبنة: وأنا أيضا... وماذا بعد يا أبي؟

الأب: يدعو نوح ربّه دعاء عظيماً، فيطلب منه المغفرة والرحمة له ولأمّه وأبيه ولكل مؤمن وللمؤمنين الذين دخلوا بيته. يقول تعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) أي عذابا.

الإبنة: ما أجمل هذا الدعاء. لم ينس أحدا في هذا الدعاء.

الأم: انتهى الطوفان وسلم نوح مع من معه، وأقاموا في الارض وأنجبوا.

الأب: الا أن الشيطان ابى الا أن يعود الى دسائسه ويغوي الناس، فرجع  من رجع منهم الى الكفر، خصوصا منهم قوم عاد، الذيين ذكرهم الله في القرآن، وهم من العمالقة الجبارين، غرّهم الغرور وظنوا أنهم أسياد الارض لا يقدر أحد عليهم، وكفروا وطغوا واعتدوا..

الأم: فأرسل الله منهم سيدنا هود، ليحثهم على الايمان، ويذكرهم بما أنزل الله من عذاب وطوفان على قوم نوح، فلم ينصتوا له واستمروا في عبادة الاصنام، وسفّهوا هودا وسخروا منه، وتحدّوه أن ينزل بهم من الله ما توعدّهم فيه، فغضب منهم، ووعدهم بعذاب من ربهم لا مثيل له.

الأب: فأتبعهم الله لعنة في الدنيا والآخرة، وأرسل عليهم ريحا شديدة باتت تضرب ديارهم ثمانية أيام متتالية، لا تهدأ لحظة واحدة، وتشتد كل لحظة أكثر فأكثر، واشتد المطر مع الريح، وصار الريح والمطر يضربان البشر والحجر، ولا يقعوا على شيء الا دكّوه دكا، ولم ينج غير هود وأهله والذين آمنوا معه.

الأم: وبعد عاد إرم ذات العماد، جاء دور ثمود، التي كان أهلها ينحتون الصخر، ويفسدون في الارض، مثلهم كمثل قوم عاد، فارسل الله لهم صالحا رسولا.. فسخروا منه، فجاء بناقة وقال انها ناقة الله، لكم يوم شربكم ولها يوم، لا تمسوها بسوء فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

الأب: فقالوا له انا تشائمنا منك ومن هذه الناقة فعقروها، فحق عليهم عذاب الله، وكانوا ينوون قتل صالح وأهله، ولكن مكر الله كان أكبر، فأخذهم بصيحة واحدة وأنزل عليهم صاعقة فأصبحوا صفر الوجوه، ثم احمرت وجوههم ثم في اليوم الثالث اسودت وجوههم وكانت الصيحة العظمى فلم يدرون من أين يأتيهم العذاب ففاضت الارواح وزهقت النفوس فأصبحوا في ديارهم جائمين جثثا فقط لا روح فيهم وأنجى الله صالحا وأهله ومن آمن معه.
وغدا انشاء الله سنذكر قصص هؤلاء ونستخلص منها المنفعة

سامي الشرقاوي

ليست هناك تعليقات: